لسبب، وهل يدخل في هذا القاضي؟ نعم يدخل، لا يجوز أن يحتجب عن حاجات المسلمين، لكن -كما قلت- يرتب أحوالهم، وهذا هو المعمول به الآن" جلسة القاضي من كذا إلى كذا معلومة، وكذلك غيره من الولاة كانوا قديما قبل أن تتطور الأمور ويكثر الناس وتكثر الحكومات، كان القاضي يقضي في أي وقت، حتى إنه يمشي في السوق بين الناس، ويجلس على دكان صاحبه ويقضي بين الناس على عتبة الدكان.
وجاء رجلان يختصمان إلى أحد القضاة وهو قد نام القيلولة فجعلوا يضربون الباب لكن الظاهر: أنهم من جنس الأعراب الذين ينادون من وراء الحجرات، فقرعوا الباب عليه حتى خرج عليهم فقال: كيف تأتون في هذا الوقت؟ قالوا: نعم أنت تأخذ كذا وكذا من صاع البر وكان مكافأة القضاة قديما أصواع قليلة من البر والتمر، فجعلوا يختصمون، كل واحد له حجة، قال لهم: يا جماعة، أكثرتم علي، أعطوني زبدة -وهي خلاصة الكلام- لكن الزبدة من اللبن خلاصة اللبن، ولا يمكن أن تأتي إلا بعد أن يخض في السقاء، فقالوا له: ما فيه زبدة إلا بخض؛ يعني: سوف نكثر القيل والقال والخصومة، فاستسلم لأمر الله.
فالحاصل: أنه إذا لم يكن هناك وقت مرتب للقاضي فإنه لا يحتجب عن الناس إلا في أمور ضرورية أو لمصلحة القضاء.
[الرشوة والهدية للقاضي]
١٣٣٨ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم». رواه الخمسة، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان.
وله شاهد: من حديث عبد الله بن عمرو، عن الأربعة إلا النسائي؟
قوله: "لعن رسول الله" أي: دعا باللعنة عليه، ولعنة الله هي: طرد الملعون عن رحمة الله وإبعاده منها، فهي عقوبة عظيمة.
وقوله: "الراشي والمرتشي"، الراشي: دافع الرشوة، والمرتشي: آخذها، أما آخذ الرشوة فظاهر؛ لأنه أخذ ما لا يحل له، وأما الراشي فوجهه: أنه أعان على الإثم فكان له حكمه، أي: حكم الآخذ، وقوله:«في الحكم» أي: في القضاء.