للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٥ - باب المساقاة والإجارة]

ليته قال: والمزارعة كان أحسن، وجعل للإجارة بابا مستقلاً؛ لأن بينهما فروقًا كثيرةن أي: أن بين المساقاة والمزارعة وبين الإجارة فروقًا كثيرة، لكن المساقاة والمزارعة هما المتشابهتان.

"المساقاة" في اللغة: مأخوذة من السقي؛ لأن حروفها الأصلية سين، وقاف، وباء، إذن هي من السقي، وهي معروف يعني: صب الماء على الأرض لتشربه، فهي من المساقاة وهي: دفع أرض وشجر لمن يقوم عليه بجزء مشاع معلوم من ثمره، مثال ذلك: رجل عنده بستان وتعب من العمل فيهن وجاء إلى شخص وقال: هذا بستاني خذه واعمل فيه ولك نصف ثمره، هذه المساقاة جائزة؛ لأن فيه مصلحتين: مصلحة لصاحب الأرض، ومصلحة للعامل، فصاحب الأرض يستريح ويكفيه هذه المؤنة والتعب، والآخر استفاد لأنه ليس عنده ما يشتري ثمرًا ولي عنده بستانًا فيعمل في هذا البستان ويحصل الثمر، ففيها مصلحة للطرفين؛ وهي تشبه تمامًا المضاربة.

"الإجارة": مأخوذة من الأجر وهو الثواب، أي: مكافأة العامل على عمله، ولهذا لو قلنا: فلان له أجر عند الله، يعني: ثوابًا مكافأة على عمله فهي في الأصل من الأجر وهو الثواب، أي: المكافأة على العمل، وأما في الاصطلاح فهي: دفع عين لمن ينتفع بها بعوض معلوم أو القيام بعوض معلوم أو القيام بعوض معلوم، فالبيت إذا أعطيته عاملاً ليخيطه لك فهذا دفع عين لمن ينتفع بها بعوض معلوم، والثوب إذا أعطيته عاملاً لخيطه لك فهذا دفع عين لمن يعمل فيها بعضو معلوم، والعامل إذا استأجرته ليعمل عندك فهذا عقد على عمل معلوم بعوض معلوم، فالإجارة قد تكون على عمل وعلى عمل في عين، وعلى نفع في عين، ولكها جائزة: {إن خير من استئجرت القوي الأمين} [القصص: ٢٦].

[حكم المساقاة]

٨٦٧ - عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمرٍ أو زرعٍ». متفق عليه.

"عاملهم" أي: أعطاهم الأرض على أن يعملوا فيها، "بشطر ما يخرج منها"، شطر يعني: نصف من ثمر هذا باعتبار الشجر، أو زرع باعتبار البقول، الزروع يعني: على النصف من الثمر في الأشجار والزرع في البقول، وقوله: "عامل أهل خيبر" وهم اليهود، خيبر حصون ومزارع تبعد عن المدينة نحو مائة ميل من الشمال الغربي، فتحها النبي صلى الله عليه وسلم، ولما فتحها إذ الناس لا

<<  <  ج: ص:  >  >>