"فإن فعلت شيئًا من ذلك فقد ضمنت مالي"، حكيم بن حزام معروف بأنه صاحب بيع وشراء وتجارة؛ ولذلك كان الرسول يوصيه ويقول:"لا تتبع ما ليس عند" فهو صاحب تجارة، ومن جملة تجارته أنه يعطي ماله مقارضة، يعني: مضاربة يشترط عليه شروطًا أربعة ألا يجعله في حيوان، ولا يحمله في بحر، ولا ينزل به في بطن مسيل، فإن فعل فهو ضامن؛ إن هلك الحيوان ضمنه، إن غرق المال ضمنه، إن نزل به في بطن مسيل ضمنه.
فيستفاد من هذا الحديث: جواز شروط مثل هذا في المضاربة، فإن لم يشترط وحصل اختلاف وحمله في البحر أو في بطن مسيل أو جعله في كبد رطبة، فهل عليه الضمان؟ نقول: لا ضمان عليه، اللهم إلا في بطن المسيل إذا كان في وقت نزول المطر في ايم الشتاء، أما في الصيف فلا بأس، والقاعدة عندنا أنه إذا لم يتعد ولم يفرط فلا ضمان عليه، "كل يد أمينة إذا لم يحصل تعد ولا تفريط فلا ضمان عليه"، وعلى هذا فالمضارب إذا لم يحصل منه تعد ولا تفريط فليس عليه ضمان، لكن كيف التعدي؟ التعدي: فعل ما لا يجوز، والتفريط: ترك ما يجب، ففعل ما لا يجوز مثل: أن يلقي بالمال إلى التهلكة، وفعل ما لا يجوز: أن يستعمل المال في حاجته الخاصة.
- وقال مالك في الموطأ عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن جده:«أنه عمل في مالٍ لعثمان على أني الربح بينهما» وهو موقوف صحيح.
"موقوف" يعني: على عثمان، وهو أحد الخلفاء الراشدين لهم سنة متبعة، وهو معروف رضي الله عنه بأنه صاحب ثراء وغنى، فيعطي ماله مضاربة على أن الربح بينهما، فبناء على ذلك يجوز أن أعطي شخصًا مالاً على أن الربح بيني وبينه، ولكن قلنا: لابد أن يكون مشاعًا معلومًا، وبيني وبينه معلوم إذا كان لي ربعه وله ثلاثة أرباعٍ هل هو بيننا؟ بيننا، له عشرة ولي تسعة أعشاره أيضًا هو بيننا، إذن إذا قلت الربح وصار الربع والعشر والثلث كله بينية عاد إلى الجهالة، فيقال: نعم الأصل أن البينية فيها إبهام لكنها عند الإطلاق تقتضي المساواة، هذه أيضًا من القواعد الفقهية، البينية عند الإطلاق تقضي المساواة، ولهذا لو أعطيت فقراء عشرة طعامًا وقلت: هذا بينكم وجاء واحد منهم وأخذ نصفه وقال: نصفه لي ولكم الباقي، هل يملك هذا؟ لا، لماذا؟ لأن البينية تقتضي المساواة، فإذا قلت: هذا بينكم وهم عشرة فلكل واحد عشرة ولا يمكن أن يتعدى، إذن الذي جعل البينية هنا صحيحة لأنها عند الإطلاق، وعلى هذا فإذا قال: الربح بيننا فهو نصفان.