في هذا الحديث: دليل على مراعاة الحقوق، وأن هذه الشريعة الإسلامية كاملة في مراعاة الحقوق فالأول: في القضاء الجملة الأولى: «مطل الغني ظلم» الثانية: في الاقتضاء منع حيلة، ففي الأولى مراعاة جانب القضاء وأنه يجب على الإنسان أن يقض الدين ولا يماطل، وفي الثانية مراعاة جانب الاقتضاء، وأنه ينبغي للإنسان أن يكون سهلا فيقتضي حقه إما ممن عليه الحق وإما ممن أحيل عليه، فالشريعة الإسلامية لكمالها تراعي الجانبين جانب القضاء وجانب الاقتضاء.
ومن فوائد الحديث: أنه لابد من رضا المحيل المطلوب فلا يجبر على الإحالة، يؤخذ من قوله:«وإذا أتبع» وهذا يدل على أن الأمر موكل إلى المتبع وهو المحيل، وهل يشترط رضا المحال عليه؟ الجواب: لا، فلو أحال زيد عمرا على بكر، وقال بكر لزيد: أنا لا أقبل حوالة عمرو، لأن عمراً رجل صعب لا يمهل ولا يمهل، وأريد أن يكون صاحبي أنت يقول: المحال عليه للمحيل فهل يلزم المحيل قبول ذلك، أو نقول: لا يلزم؟ نقول: لا يلزم، فرضا المحال عليه ليس بشرط، ووجهه أن لصاحب الحق أن يستوفى الحق بنفسه وبمن يقوم مقامه، والمحال قائم مقام المحيل، فالمحيل يقول للمحال عليه، أد حقي وأنا لي أن أستوفي حقي بنفسي أو بمن يقوم مقامي، فهمنا الآن رضا المحيل لابد منه، أما رضا المحال عليه ليس بشرط بقينا برض المحتال إن كان المحال عليه معسراً غير مليئ اشترط رضاه؛ يعني: فقيراً أو مما طلاً
فإنه يشترط رضا المحتال وإن كان مليئاً، فإن قلنا: إن لام الأمر في قوله: «فليحتل» للوجوب فإنه لا يشترط رضاه، وإن قلنا للاستحباب فإنه يشترط، فصار رض المحيل شرطاً لكل حال، رضا المحتال عليه إن كان على غير مليء اشترط رضاه، وإن كان على مليء إن كان الأمر في قوله:«فليحتل» للوجوب فلا يشترط رضاه، وإن قلنا: إنه للاستحباب اشترط رضاه.
[ضمان دين الميت]
٨٣٩ - وعن جابر رضي الله عنه قال:«توفي رجل منن فغسلناه وحنطناه، وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: تصلي عليه؟ فخطا خطأ، ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حق الغريم وبريء منهما الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه» رواه أحمد وأبو داود، والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم.
قوله:«منا» يعني: من الأنصار، وقوله:«غسلناه» يعني: تغسيل الميت وصفته أن يغسل فرج الميت، ثم يغسل رأسه برغوة السد، وهو الورق المعروف يدق ويجعل في الماء، ويضرب