للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باليد حتى يكون له رغوة فتؤخذ رغوته فيغسل بها رأس الميت ولحيته دون السفل، لأن السفل لو غسل به الشعر لبقي فيه الشعر ودخل فيه فيغسل الرأس واللحية بالرغوة ثم يغسل بقية البدن بالسدر ويغسل ثلاثا أو خمساً أو سبعا أوتسعاً أو أكثر من ذلك، ما دام الميت محتاجاً إلى التنظيف.

وقوله: «حنطناه» يعني: جعلنا فيه الطيب، وأحسن ما يكون الكافور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته: «اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً» وهو نوع من الطيب معروف يدق ويخلط في الماء في آخر غسلة، وله ثلاث فوائد: أولاً: أنه طيب، الثاني أنه يصلب البدن، والثالث أنه يطرح الهوام عن الميت لئلا تنال جسده بسوء، والمسألة كلها مؤقتة لابد من التغير إلا أن يشاء الله.

«وكفناه» يعني: لففناه في كفنه وبقي أن يصلى عليه.

قال: «ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: تصلي عليه» «تصلى» هذه جملة خبرية لكنها في الواقع طلبية، يعني: أنها إما بمعنى الأمر؛ أي: صل عليه، والأمر هنا بلا شك للالتماس؛ لأن مقام النبي صلى الله عليه وسلم أرفع من مقامهم وإذا وجه الطلب إلى من هو أربع من مقام الطالب سمي التماساً أو سؤالاً، ويحتمل أن تكون خبرية نزعت منها همزة الاستفهام، أي: أتصلي عليه؟

والمراد بالاستفهام هنا: العرض، يعني: يعرضون على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه، وأيا كان فإنما جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، لأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الميت شفاعة له، وهو صلى الله عليه وسلم أعظم الشافعين قدرا عند الله.

يقول: «فخطا» «خطا» يعني: تقدم ليصلي عليه، ثم قال «أعليه دين؟ » فقلنا: ديناران، «فانصرف» الديناران مبتدأ خبره محذوف، يعني: عليه ديناران، والديناران هما نقد الذهب لأن الند إن كان من الفضة سمي دراهم وإن كان ذهب سمي دنانير «فانصرف» أي لم يصل عليه وكان صلى الله عليه وسلم في أول الأمر إذا قدم إليه ميت للصلاة عليه وعليه دين لم يصل عليه لأن صلاته على الميت شفاعة ومن عليه دين لا تنفع فيه الشفاعة، لأن حق الآدمي لابد من وفائه ولهذا كانت الشهادة تكفر كل شيء إلا الدين، فيتأخر الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول: «صلوا على صاحبكم» والحكمة من هذا: حث الناس على التقليل من الدين، وعدم الاستدانة لأن الإنسان إذا علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل على هذا الرجل من أجل دينه وهو عليه دين فإنه سوف يتحرز تحرزاً شديداً من الاستدانة.

يقول: «فتحملهما أبو قتادة فأتيناه» لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد انصرف فقال أبو قتادة: «أنا أتحملهما» رضي الله عنه وجزاه خيراً، فأتيناه فقال أبو قتادة: «الدينارات علي» وهذا ضمان للدين من أبي قتادة لصاحب الحق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «حق الغريم وبرئ منهما الميت» «حق الغريم» هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>