قوله:"بإسناد على شرط مسلم" ما معنى ذلك؟ على أن رجاله رجال مسلم، وأيضًا أنه لا يشترط ثبوت اللقي، بل الذي يشترط هو المعاصرة فقط. وهذه المسألة اختلف فيها البخاري ومسلم، ولا شك أن الرأي رأي البخاري فيها، فالبخاري قال: لابد من ثبوت الملاقاة بين الراوي ومن روى حتى يتحقق الاتصال. فالأقوال ثلاثة: إما أن تثبت ملاقاته، أو تثبت عدم ملاقاته، أو تثبت المعاصرة ولم تثبت الملاقاة ولا عدمها، إذا ثبت عدم الملاقاة فقد اتفق البخاري ومسلم على أنه لا يعتبر متصلًا، وإذا ثبتت الملاقاة فهو متصل يحكم بالاتصال إلا أن يصرح بأنه لم يسمعه منه فإنه صرّح بأنه لم يسمعه منه فإننا نعدو ما صرح به، وأما إذا لم تثبت الملاقاة وعدمها ولكن المعاصرة ثابتة فمسلم رحمه الله يرى أنه متصل والبخاري يرى أنه غير متصل، ولا شك أن ما ذكره البخاري أصح؛ لأن الأصل عدم الملاقاة حتى تثبت.
٥٥٠ - وزاد ابن ماجه من حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها:"في الإثم".
وفائدة هذه الزيادة ألا يكون كسر عظم الميت ككسره حيًّا في الضمان إنما هو في الإثم فقط، بمعنى: لو أن أحدًا كسر عظم الميت لا نقول: إذا كسر الساق ففيه بعيران، ولكن نقول: إنه آثم، أما الضمان فإنه لا يضمن.
[اللحد والشق في القبر]
٥٥١ - وعن سعد بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه قال:"ألحدوا لي لحدًا، وانصبوا عليَّ اللَّبن نصبًا، كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه مسلم.
قوله:"ألحدوا" هذا يوصي أهله كيف يدفنونه، فقال:"ألحدوا لي لحدًا""ألحدوا" من الرباعي بكسر الحاء، وأما من الثلاثي من لحد، فهي بالفتح "ألحدوا"، إذن يجوز فيه وجهان، واللحد سبق أنه: الشق في جانب القبر مما يلي القبلة، وسمي لحدًا لميله إلى جانب القبر، وأصل الإلحاد في اللغة: الميل كما قال تعالى: {وذروا الَّذين يلحدون في أسمائه}[الأعراف: ١٨٠]. أي: يميلون فيها، وقال:{إنَّ الَّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا}[فصلت: ٤٠]. وقال:{ومن ير فيه بإلحاد بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ}[الحج: ٢٥]. إذن فاللحد سمي بذلك لميله إلى جانب القبر.
وقوله:"وانصبوا عليَّ اللبن نصبًا" هذا يثبت بالضرورة من اللحد؛ لأن اللحد لا يمكن أن يستمسك اللبن فيه إلا إذا نصب نصبًا، يعني: يوقف توقيفًا؛ لأنه لو وضع تسطيحًا لخر على الميت ولم يثبت، إذن ينصب اللّبن نصبًا، وهذا أقوى للبن من أن يكسر؛ لأنه إذا كان قائمًا صار أثبت له.