للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم" من الذي صنع به ذلك؟ الصحابة- رضي الله عنهم- العباس، وعلي بن أبي طالب، ومن حضر من الصحابة فقد أقر ذلك.

وعلى هذا فيكون في هذا الحديث فوائد: أولًا: جواز وصية المريض فيما يفعل به بعد موته، الدليل: فعل سعد بن أبي وقاص.

فإن قلت: هذا فعل صحابي، فما الجواب؟

الجواب أن يقال: إن الصحابي فعله حجة إلا أن يوجد ما يخالفه من نص كتاب أو سنة أو قول صحابي آخر، فإن عارضه كتاب أو سنة رفض، وإن عارضه قول صحابي آخر نظر في الراجح، ولكن هذه الوصية من سعد يؤيدها وصية أبي بكر رضي الله عنه، بماذا أوصى؟ أوصى بالاقتصاد في الكفن أن يكفن بالغسيل دون الجديد.

يستفاد من هذا الحديث: أن الأفضل في الدفن اللحد، وضده الشق، والشق أن تحفر الحفرة في وسط الأرض هذا الشق، واللحد أن تكون في جانبه مما يلي القبلة، إلا أن العلماء قالوا: إذا لم يمكن اللحد رجعنا إلى الشق، كيف لا يمكن؟ قالوا: إذا كانت الأرض رخوة مثل الرمل لا يمكن فيه اللحد، وإنما يشق شقًّا في الوسط ويوضع لبنات من الجانبين ثم يوضع الميت بينهما ثم يوضع عليه اللَّبن، وهذا معلوم أنه لا يمكن إلا هكذا؛ لأنه لو لحد لانهال عليه التراب ثم ييبس الرمل وينهال.

ويستفاد من هذا الحديث: أن الذي ينبغي في اللَّبن أن يكون منصوبًا لا مسطحًا؛ لأن ذلك أثبت له وأقوى لتحمل التراب.

ويستفاد من الحديث: الاقتداء بما فعله الصحابة وأقروه؛ لأن سعدًا استدل بفعل الصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مما يدل على أن فعل الصحابي حجة ما لم يخالف الدليل.

٥٥٢ - وللبيهقيِّ عن جابرٍ رضي الله عنه نحوه، وزاد: "ورفع قبره عن الأرض قدر شبرٍ". وصححَّه ابن حبَّان.

يعني: أن البيهقي روى عن جابر نحو هذا اللفظ الذي ذكره سعد، ولكن فيه زيادة وهي: "رفع القبر عن الأرض بمقدار شبر"، وهذا أمر لابد أن يكون، حتى وإن لم ترد به السنة لابد أن يرتفع، وجه ذلك: أمران:

الأول: أن المساحة التي شغلها الميت كانت بالأول مملوءة ترابًا والآن صارت فضاء، وقد نقل هذا التراب منها ومن غيرها من القبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>