للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يختص به هذا الرجل، وأن الواجب على من عنده كلب معلم أو حرث أو ماشية إذا استغنى عنه أن يبذله مجانًا لمن أراده أو يسيبه؛ لأنه لا يجوز اقتناء الكلب إلا لحاجة من الحوائج الثلاثة.

[جواز اشتراط منفعة المبيع للبائع]

٧٥٢ - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "أنه كان يسير على جملٍ له قد أعيا، فأراد أن يسيِّبه، قال: فلحقني النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فدعا لي، وضربه، فسار سيرًا لم يسر مثله، قال: بعنيه بأوقِّيَّةٍ، قلت: لا. ثمَّ قال: بعنيه فبعته بأوقيَّةٍ، واشترطت حملانه إلى أهلي، فلمَّا بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثمَّ رجعت فأرسل في أثري. فقال: أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك. فهو لك". متَّفقٌ عليه، وهذا السِّياق لمسلمٍ.

الجمل: هو ذكر الإبل، والغالب أن الجمل أقوى من الناقة من وجه، وهي أقوى منه من وجه آخر، فمن جهة التحمل يكون هو أشد قوة، ومن جهة المتعة يعني: أنها تبقى تكد أكثر فالناقة، هذا الجمل كان يسير عليه في سفر، فما هو هذا السفر؟ قيل: إنه في غزوة تبوك وقيل: إنه في غزوة ذات الرِّقاع، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لحقه وهو راجع إلى المدينة، والأصح -كما حققه ابن حجر-: أنه في غزوة ذات الرِّقاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جابرًا في هذه القصة: "هل تزوجت؟ " قال: نعم، قال: "أبكرًا أم ثيبًا؟ "، قال: بل ثيبًا، قال: "فهلا بكرًا تلاعبك وتلاعبها"، فبيّن له رضي الله عنه أنه تزوج الثيب؛ لأن أباه ترك بناتًا صغارًا، فأراد أن تقوم بمصالحهن، وهذا يدل على أنها في غزوة ذات الرقاع؛ لأن غزوة ذات الرقاع كانت بعد أحد بسنة، فإن أبا جابر رضي الله عنه استشهد في أحد والمعروف أنه إذا كان زواجه من أجل حاجة أخواته أنه سوف يبادر بهذا الزواج، فهذا يؤيد أنها كانت في غزوة الرقاع، أما غزوة تبوك فكانت في السنة التاسعة من الهجرة فهي بعيدة، وعلى كل حال: فتعيين الغزوة في تبوك أو ذات الرقاع ليس بذي أهمية كبيرة، ولكن العلم بالشيء ولا الجهل به، المهم القصة.

وقوله: "قد أعيا" أي: تعب؛ لأنه ضعيف، "فأراد أن يسيِّبه" يعني: يتركه ويمشي على قدميه أو يردفه مع أحد الصحابة، المهم: أن يدع هذا الجمل؛ لأنه لا نفع فيه.

يقول: "فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي وضربه"، "لحقني" يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان متأخرًا، وهذه عادته صلى الله عليه وسلم أن يكون في أخريات القوم ليتفقد الضعيف والمحتاج صلى الله عليه وسلم، يقول: "فدعا لي وضربه"، وهذا الوصف مختصر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله ما هذا الجمل؟ وبيَّن له

<<  <  ج: ص:  >  >>