للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تحريم إتيان الكاهن؛ لأنه لا فائدة من إتيان الكاهن إلا للسؤال الذي يخبرك به عن أخبار الغيب، وهذا حرام، وسبق لنا في كتاب التوحيد أن من أتى الكاهن فهو على ثلاثة أقسام:

أولًا: أن يأتيه ليمتحنه ويبين كذبه ولعبه بالناس وهذا جائز، بل قد يكون واجبًا.

ثانيًا: أن يأتيه فيسأله ولا يصدقه فهذا حرام، ومن فعل ذلك لم تقبل له صلاة أربعين ليلة؛ لأن في هذا إغراء للكاهن وإغراء لغيره أيضًا إذا رآك الناس تأتي إليه، لا سيما إذا كان لك قيمة في المجتمع، فإن هذا يغري الناس بالإتيان إلى الكاهن.

الثالث: أن يأتيه فيسأله ويصدقه؛ فهذا كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهنًا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد".

هذه الأشياء المحرمة: ثمن الكلب، وحلوان الكاهن، ومهر البغي، محرمة على الآخذ ومحرمة على المعطي؛ يعني: لا يجوز أن يعطيه. هذا رجل جاء إلى شخص عنده كلب صيد لا يخلص في الصيد فقال: بعه عليَّ، فقال: الكلب غالٍ عندي. قال: أنا أعطيك ما تريد. قال: أبيعه بعشرة آلاف. قال: قبلت، فأخذ الكلب، ثم قال: لا أعطيك عشرة آلاف؛ لماذا يا رجل؟ قال: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، فماذا نصنع؟ نقول لهذا الرجل: إما وأن ترجع الكلب إن كان باقيًا، وإن كان تالفًا لا يمكن ترجيعه، إما أن ترجع الكلب أو أعطني الدراهم لا بد فنأخذ الدراهم منه ونجعلها في بيت المسلمين ولا نعطيها لصاحب الكلب؛ لأن صاحب الكلب لا يستحق ذلك، فإن قال صاحب الكلب: ردوا عليّ كلبي، نظرنا إن كان يحتاج إلى ذلك رددناه عليه؛ لأن هذا خدعه، وإن كان لا يحتاج إليه قلنا: أنت لست في حاجة إليه ولا يحل لك أن تقتنيه ويبقى الكلب عند من له فيه حاجة ولا نجمع له بين العوض والمعوض.

هذا رجل أيضًا وقف على باب زانية وحاورها قالت له: أبدًا لا أقبل إلا كل ليلة بمائة ريال -نعوذ بالله- فوافق الرجل، وصار يأتي كل ليلة حتى عشر ليالٍ وجمع عليها ألف ريال، ولما خلص من عشر ليالٍ قالت: أعطني الألف قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن مهر البغي، فهل نوافقه على ذلك؟ نقول: -الحمد لله- أولًا: سلم ألف ريال نجعلها في بيت المال، وثانيًا: إن كنت محصنًا فالرجم، وإن كنت غير محصن جلد مائة وتغريب عام، على كل حال: هذا إذا أقر بذلك؛ لأنه قد ينكر.

على كل حال: أنا قصدي أنه لا يمكن أن يجمع له بين العوض والمعوض، وأما من قال من أهل العلم -رحمهم الله-: إنه لا يعطيها شيئًا فهذا نظر إلى هذه المسألة من وجه واحد. ذكرنا أن الكلب لا يجوز ثمنه، وإذا أتلف قلنا: إنه لا قيمة له شرعًا، ولكنه يعزر بسبب تعديه على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>