ما أتركك إلا برقبة هذا الرجل -نعوذ بالله- فماذا نقول؟ مثل هذه الحال يعطى إن وجد كلب مثل كلبه، وإلا فيعطى ما يهوّن غضبه دفعًا للشر والفتنة.
ومن فوائد الحديث: خبث الكلب، ولهذا حرم ثمنه حتى مع جواز الانتفاع به، أما الحمار يشترى ويباع؛ لأنه حرام هو بعينه، لكن منفعته ليست بحرام، وحينئذٍ يرد علينا إشكال فيقال: ما الفرق بين الحمار والكلب؟ لماذا جاز شراء الحمار مع تحريم عينه ونجاسته من أجل الانتفاع به في الركوب وغيره ولم يجز شراء الكلب للمنفعة المباحة من الصيد والحرث والماشية؟ الجواب أن يقال: شدة خبث الكلب هذه واحدة.
ثانيًا: أن المنفعة المباحة في الكلب ليست منفعة مباحة على سبيل الإطلاق، بل هي منفعة مباحة مقيدة بالحاجة، وأما الحمار فالمنفعة فيه مباحة على سبيل الإطلاق، يجوز أن تقتنيه وإن لم تنتفع به، لكن الكلب لا يجوز اقتناؤه ولا الانتفاع به إلا عند الحاجة، فظهر الفرق بينهما من وجهين.
ومن فوائد الحديث: تحريم مهر البغي للنهي عنه، وهو حرام على الزانية، وحرام على الزاني أن يعطيها، والحكمة من ذلك: أن هذا عوض عن فعل محرم، والقاعدة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه"، وهذا الزنا محرم بالنص والإجماع، فما كان عوضًا عنه فهو محرم، هذا وجه.
الوجه الثاني: لو أجزنا ذلك لكان فتح باب للبغاء؛ لأن كل امرأة تحتاج إلى مال تبذل فرجها -والعياذ بالله- للبغاء للحصول على المال.
ومن فوائد الحديث: أن حفظ العرض أولى من حفظ المال، وأنه يجب المحافظة عليه أكثر، ولهذا لو رأيت إنسانًا على زوجتك يزني بها جاز لك قتله فورًا بدون إنذار، ولو رأيت شخصًا يأكل على قدرك طعامك فإنه لا يجوز لك أن تقتله مع أن هذا عشاءك ليس عندك غيره، ولكن لا يجوز قتله فتدفعه بالأسهل فالأسهل، بخلاف العرض فإنه أعظم حرمة.
ومن فوائد الحديث: تحريم البغاء، وجه الدلالة: لأنه لما حرم عوضه صار ذلك دليلًا على تحريمه، وتحريمه معلوم بنصوص أخرى، لكن نريد أن نأخذه من هذا الحديث.
ومن فوائد الحديث أيضًا: تحريم الكهانة للنهي عن أخذ العوض عليها، وتحريم أخذ العوض عليها دليل على أنها حرام؛ إذ لو كانت حلالًا لجاز أخذ العوض عليها.
ومن فوائده أيضًا: تحريم إعطاء الكاهن أجرته على الكهانة؛ لأنه نهى عن حلوان الكاهن، وهل يجوز أن آتي الكاهن بدون أجرة؟ نقول: لا، لا يجوز؛ لأن إتيان الكاهن لا فائدة منه إلا أن تستفيد مما يخبرك به، وهذا حرام كما دلّ عليه الحديث، وعلى هذا فالحديث يدل