ويستفاد من الحديث: جواز التصريح بما يستحيا منه للحاجة والمصلحة لقول أمهات المؤمنين: "كان يصبح جنبًا من جماع"، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذكر ما يستحيا منه فلا بأس؛ لأن الله لا يستحيي من الحق.
وفيه دليل أيضًا: على جواز صوم الحائض إذا طهرت قبل أن تغتسل من باب القياس؛ لأن كلًّا من الحائض الطاهر قبل أن تغتسل والجنب كلٌّ منهما يجب عليه الغسل، فإذا صح صوم الجنب صح صوم الحائض.
وفيه أيضًا دليل: على أن هذا شامل للفرض والنفل، وجهه: عدم التفصيل هذا من وجه، ووجه آخر قولها:"ولا يقضي"؛ لأن القضاء من خصائص الواجب.
وفيه أيضًا دليل: على جواز مجامعة الرجل زوجته قبيل الفجر بل كل الليل؛ لقوله سبحانه:{حتَّى يتبيَّن لكم}، إن طلع الفجر عليه وهو يجامع المذهب أنه إن بقي وجبت عليه الكفارة، وإن نزع وجبت عليه الكفارة، إن بقي واضح للمعصية في قوله:{فالئن بشروهنَّ} إلى قوله: {حتَّى يتبيَّن لكم}، وإن نزع فالنزع عندهم جماع؛ لأن الإنسان يتلذذ به، فيكون هذا واقعًا في الإثم وتلزمه الكفارة، والصحيح: أنه لا يلزمه شيء إذا نزع فورًا، وأن هذا النزع ليس بحرام بل هو واجب، وما كان واجبًا فإنه لا يؤثَّم به الإثم، وإذا لم يؤثَّر فلا كفارة، ولكن يجب عليه من حين يعلم أن الفجر طلع يجب عليه أن ينزع، فإن قلت: هل علم الفجر يكون بالأذان؟ ينظر بعض المؤذنين يؤذن قبل الفجر، لكن إذا علمت أن هذا المؤذن لا يؤذن حتى يرى الفجر أو يخبره عنه ثقة، وجب عليك أن تعمل به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"وإن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر" هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، وبناء على ذلك فإن الإنسان إذا سمع المؤذن وكان يعرف أن هذا المؤذن ثقة راتب لا يؤذن إلا إذا رأى الفجر، أو أخبر به ثقة، فإنه يجب عليه العمل بالسماع، فإن شك فالأصل بقاء الليل، لكن ينبغي للإنسان ألَّا يعرض صومه للخطر.
[حكم من مات وعليه صوم]
٦٤٥ - وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليُّه". متَّفقٌ عليه.
"من" اسم شرط، فعل الشرط "مات"، و"صام عنه وليه" جواب الشرط، وجملة "وعليه صيام" جملة في موضع نصب، يعني: من مات والحال أن عليه صيامًا فإنه يصوم عنه