يستطيعون القيام عن العمل بها لاشتغالهم وهي مزارع، فطلب اليهود من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعملوا فيها على النصف، ولهذا قال:
- وفي رواية لهما:«فسألوه أن يقرهم بها على أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: نقركم بها على ذلك ما شئنا، فقروا بها، حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه».
إذن هم الذين طلبوا البقاء فيها يكفونهم المؤنة، يعني: العمل على هذه الأشجار والأرض ولهم نصف الثمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«نقركم بها على ذلك ما شئنا»، فقروا حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه، "نقركم على ذلك ما شئنا" يعني: لكم نصف الثمر، لكن ما شئنا حسب مشيئتنا، وإذا رأينا ما يقتضي أن نخرجكم منها أخرجناكم، فوافقوا على هذا الشرط، فبقوا آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم يعني: أربع سنوات قبل أن يموت، وبقوا خلافة أبي بكر كلها وبقوا في خلافة عمر حتى أجلاهم عنها، وكان إجلاؤه إياهم عنها في سنة عشرين من الهجرة، أجلاهم إلى فدك، إذن بقوا بعد الفتح أربع عشرة سنة، وكان سبب إجلائهم أربعة أمور: منها ما ثبت في الصحيح، ومنها ما ثبت في غيره، فالذي ثبت في الصحيحين أنهم فدعوا عبد الله بن عمر كان عندهم فألقوه من ظهر بيت ففدعوه، والفدع: انسلاخ الكف من الذراع أو القدم من الكعب، ويسمى عندنا الفك يعني: أنفكت قدمه، فأجلاهم عمر؛ لأن ابن عمر رضي الله عنه نزل هناك في ليلة من الليالي فحصل منهم ذلك، فقال عمر رضي الله عنه: ليس لنا عدو هنالك إلا اليهود، وإني سأجليهم؛ لأنه رأى أن اعتداءهم على ابن الخليفة يعنيك اعتداءهم على الإسلام وتحديًا للمسلمين فرأى رضي الله عنه أن يجليهم، فجاءه زعيمهم وقال: كيف تجلينا وقد أقرنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال أتظن أني نسيت ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كيف بك إذا خرجت بك قلوصك تخطو بك يومًا فيومًا"، يعني: من خيبر، قال: يا عمر، قالها محمد هزيلة، يعني: يضحك - هزل ليس جد - قال: كذبت يا عدو الله، فأخرجهم هذا في البخاري وغيره.
السبب الثاني: أنه لما ثبت عند عمر أنه لا يجتمع دينان في جزيرة العرب، واليهود في خيبر يقيمون دينهم، قال: لا يمكن ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم قاله: «لا يجتمع دينان» سأجليهم، فأجلاهم عمر لهذا السبب.
السبب الثالث: أن رجلاً من الأنصار قدم من الشام إلى المدينة فنزل في خيبر ومعه علوج،