حرام لا يجوز؛ لأنه لا يطيق، أو قيل له: اعمل ليلًا ونهارًا ولا تنم إلا ساعتين، هذا أيضًا لا يجوز وإن كان العمل خفيفًا لكن هنا إرهاق للبدن، إذن لا يكلف من العمل ما لا يطيق قدرًا وزمنًا.
يستفاد من هذا الحديث: أولًا: إثبات الملكية في البشر من قوله: "للمملوك" وترتيبه على هذا الملك هذه الأحكام الطعام والشراب والكسوة وألا يكلف من العمل إلا ما يطيق وقد دل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على ثبوت ملكية الإنسان للإنسان، وهذا لا ينافي العدل ولا ينافي الرحمة؛ لأن سبب الملكية أن الإنسان لما أرق نفسه للشيطان صار من الحكمة أن يرق نفسه للإنسان الذي قد ينفعه ويعينه على الطاعة ما هو رق الشيطان؟ الكفر؛ لأن سبب الرق هو الكفر، لا يوجد رق في الإسلام إلا بسبب الكفر أو التوالد فيما بعد، أما أن يؤخذ من أهله ويباع ويشتري فهذا لا يمكن أن يوجد في الإسلام، ومعلوم أننا إذا رققناه يملك الإنسان فهو خير من رق الشيطان قال ابن القيم -بالمناسبة-:
هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان
إذن إثبات الملكية ثابت بالنص والإجماع، ولا يمكن لأحد أن يلغي هذا الحكم إلا إذا كان يستطيع أن يلغي فرضية الصلوات الخمس، صحيح أنه يجب التحري ما سبب رق هؤلاء البشر؟ يعني: لو جاء إنسان وقال هذا عبدي لابد أن نتحرى؛ لأن المسلمين اليوم إلا من شاء الله لا يسترقون البشر، هم مغلبون على أنفسهم فكيف يغلبون غيرهم؟ ! لكن إذا فرض أن وجد فلابد من التحري، فإذا لم نعلم سبب الرق فحينئذ لنا أن نقول: الأصل في بني آدم الحرية حتى يثبت أن هذا رقيق بطريق شرعي.
ومن فوائد الحديث: وجوب إطعام المملوك وكسوته لقوله: "للمملوك"، واللام هنا للاستحقاق، يعني: أنه يستحق على سيده أن يطعمه ويكسوه.
ومن فوائد الحديث: جواز استعمال العبد واستخدامه فيما يطيق؛ لقوله:"ولا يكلف من العمل ... إلخ".
ومن فوائده: تحريم تكليف العبد بما لا يطيق؛ لأن قوله:"لا يكلف" نفي بمعنى النهي، والنفي يأتي بمعنى النهي كثيرًا كما أن الخبر يأتي بمعنى الأمر كثيرًا وكما أن الأمر يأتي بمعنى: الخبر ويتضح بالمثال يتربصن هذا خبر ومعناه: الأمر، "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم" خبر، لكن معناه: النهي، قد يأتي الأمر بمعنى الخبر مثل قوله تعالى:(وقال الذين كفروا للذين ءامنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم)[العنكبوت: ١٢]. اللام: لام الأمر ولهذا جزمت الفعل لكن هل هذا أمر أم خبر يفيد إلزام أنفسهم بذلك؟ الثاني.