قال تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ}[البقرة: ١٩٦]. أي: بسبب العمرة وتحلله منها، تمتع بماذا؟ بما أحل الله له، لو أنك قدمت إلى مكة في أشهر الحج ومررت بالميقات وأنت تريد الحج لزمك أن تحرم من الميقات وتبقى في إحرامك إلى يوم العيد، وحينئذ لا تمتع بنساء ولا بطيب ولا غير ذلك من محظورات الإحرام، فإذا نويت العمرة من الميقات ودخلت مكة وطفت وسعيت وقصرت حللت وتمتعت بما أحل الله لك من محظورات الإحرام، إلى متى؟ إلى الحج، إن قدمت في ذي القعدة تمتعت إلى ثمانية من ذي الحجة، ولهذا جاءت «إلى» الدالة على الغاية هذه مأمور بها أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بها أصحابه وحتم عليهم، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنها كانت في تلك -أي: المتعة- واجبة على الصحابة وهذا هو الصحيح بمعنى: أنها واجبة على الصحابة سنة في حق غيرهم، وقد روي مسلم في صحيحه عن أبي ذر (رضي الله عنه) أنه سئل عن المتعة فقال: كانت لنا خاصة، والمراد بهذا: وجوبها، أما مشروعيتها لعامة الناس فإن سراقة بن مالك سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ قال:«بل لأبد الأبد» لأنها مشروعة، لكن كانت واجبة على الصحابة؛ لأنهم هم الذين خوطبوا بها مباشرة، ولأن في عصيانهم إبطالاً لهذه الشرعة؛ لأنه إذا كان الصحابة المجابهون بالأمر يتركونها ولا يأتون بها كان من بعدهم من باب أولى، فلهذا كان قول شيخ الإسلام أصح مما مال إليه تلميذه ابن القيم من وجوب التمتع أو فسخ الحج إلى العمرة، بل نقول: على الصحابة واجبة وعلى من بعدهم سنة، ولهذا قيدها قال:«عن متعة النساء»، فما هي متعة النساء؟ هي أن يتزوج الإنسان المرأة إلى أجل نهى عنها الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعن أكل الحمر الأهلية يوم خبير، «الحمر الأهلية» قيدها احترازا من الحمر الوحشية، لأنه يوجد حمر وحشية تعتبر صيداً تعيش في البر، وقد اصطاد الصعب بن جثامة للنبي (صلى الله عليه وسلم) حين نزل به بالأبواء، وكان الصعب كريماً، وكان عداء سبوقاً يسبق الحمر الوحشية ويصيدها، فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) بحمار وحشي فرده النبي (صلى الله عليه وسلم)، فتغير وجهه وحق له أن يتغير أن يرد النبي (صلى الله عليه وسلم) هديته والنبي (صلى الله عليه وسلم) أكرم الناس خلقاً فتغير فقال: «إنا لم نردها عليك إلا أنا حرم» فاقتنع. على كل حال: الحمر الوحشية حلال، الحمر الأهلية حرام، لكن قيل: يوم خيبر حلال تذبح وتؤكل، وسبحان الله! قبل أن تحرم كانت من الطيبات وبعد أن حرمت كانت من الخبائث، لأن الحكم لمن؟ لله، فالله عز وجل بعد أن حرمها أودع فيها خبثاً، وكانت في الأول طيبة تؤكل كما يؤكل البقر، لكن لما حرمها الله صارت خبيثة أوجد الله فيها خبثا ولهذا أمر أبا طلحة عام خيبر: إن الله ورسوله ينهياكم عن لحوم الحر الأهلية فإنها رجس، أي: خبيثة نجسة. في هذا الحديث: دليل على تحريم نكاح المتعة فإذا عقد هل يصح أو لا؟ لا يصح، لأن