المحرمات من النسب ذكرهن الله في قوله:{حرمت عليكم أمهتكم وبناتكم وأخوتكم وعمتكم وخالتكم وبنات الأخ وبنات الأخت}[النساء: ٢٣]. هذه سبع، من الرِّضاع مثلهن لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"()، فتحرم الأم من الرضاع والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت هذه سبع، ومن الصهر أم الزوجة وإن علت، وبنتها وإن نزلت، وزوجة الابن وإن نزلت، وزوجة الأب وإن علا، أما أخت الزوجة فإن الزوج ليس محرما لها، لماذا؟ لأنها لا تحرم على التأبيد، وإنما يحرم الجمع بينها وبين أختها، الملاعنة على الملاعن على التأبيد ليس بسبب مباح فليس محرمًا.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يخلون رجل" كلمة "رجل" نكرة في سياق النهي، و"امرأة" نكرة في سياق النهي مع أنه يجوز أن تعول نفيًا؛ لأن الفعل هنا مبني لا يتغير سواء كانت "لا" ناهية أو نافية مبني الاتصال نون التوكيد به، على كلّ "رجل" عام يشمل الشاب والكهل والشيخ وذا الشهوة ومن لا شهوة له، وامرأة تشمل الشابة والكهلة والعجوز والقبيحة والحسناء.
إذا قال قائل: ما هي الحكمة من ذلك؟ الحكمة: لأن الشيطان يدخل بينهما في هذه الحال فيسوس لهما وتحصل الفاحشة، ولا تحقرن شيئا، لا تقل: هذه امرأة عجوز وهذا رجل شيخ كبير، لأن الشيطان قد يؤزهم، ولهذا يوجد بعض الناس مع أهله شهوته ضعيفة، لكن مع غير أهله شهوته قوية، يمكن لو تكلم مع امرأة أجنبية مجرد كلام تحركت شهوته لكن مع أهله كل شيء تفعل لا يتحرك، لأن الشيطان يحرك الإنسان، فالمرأة وإن كانت عجوزًا فإنه يقال: لكل ساقطة لاقطة، ثم أن هذه المسائل ينبغي فيها سد الباب؛ لأن الرابط فيها صعب وشاق، فمن التي لا تشتهي، وإلى أي حد يكون الكبر وإلى أي حد يكون انتفاء الفتنة أو الشهوة؟ قال شيخ الإسلام: العلة إذا كانت منتشرة فإنه يحكم بمظنتها؛ يعني: لا يمكن انضباطها؛ لأن كل واحد يقول: أنا حسب ما عندي لا أفعل هذا الشيء، وكذلك المرأة، ولكن عند الاختبار يكون البلاء والفتنة، فسد الباب أولى؛ ولهذا لم يستثن من هذا شيء حتى لو كانت ابنة العم وزوجة الأخ، لو كانت ابنة عمه زوجة أخيه فإنه لا يحل له أن يخلو بها.
قوله:"لا يخلون رجل بامرأة" النهي عن الخلوة فإذا كان معهما ثالث فالخلوة تزول، لكن هل الحكم يرتفع؟ إذا زالت العلة زال الحكم، لكن قد يحرم من ناحية ثانية وهو الفتنة، وإذا كان جاء في الحديث:"إلا كان الشيطان ثالثهما"(). ونقول: "إذا كان شيطان الإنس ثالثًا ثبت