فتأخذ عليه دراهم كثيرة وهي لا تساوي ربع القيمة، لو قال: أبيعها عليك كلها هكذا كما ترى هذا جائز؛ لأنه باع عليه الكومة ما باع عليه بالعدد، رجل أراد أن يشتري من شخص البضاعة التي في الدكان وقال: آخذ منك هذه البضاعة كل حبة منها بدرهم هذا لا يجوز لأنه غرر، يمكن أن تكون حبة تساوي عشرة وحبة لا تساوي ريالًا، الآن هناك دكاكين يقولون: كل شيء بعشرة ريالات، هذا ليس فيه غرر؛ لأنه يقول: خذ الذي تبغي خذ ما تشاء، لكن لو قال قائل: يوجد غرر على البائع لأن البائع يوجد قطع اشتراها بعشرين مثلًا نقول: البائع لا بد أنه قد عرف كيف يخرج يعرف من أين تؤكل الكتف -والله أعلم- إن كل البضاعة التي عنده أعلاها بعشرة فيكون رابحًا.
على كل حال: إذن ليست في المسألة جهالة؛ لأن المشتري سوف يختار، والبائع نعلم -والعلم عند الله- أنه قد عرف المخرج، إذن القاعدة فهمناها، الصور لا تحصى وربما يأتي صور لا تخطر على بال العلماء ولكنها داخلة في هذه القاعدة العامة.
في هذا الحديث: نهي عن بيع الحصاة، ولقد سبق لنا شيء من صوره، والأصل في النهي التحريم، والأصل فيما كان محرمًا أن يكون فاسدًا، إذن فبيع الحصاة يترتب عليه أمران: إثم المتعاملين وفساد العقد، فإن كانا جاهلين سقط الإثم وفسد العقد.
ومن فوائده: النهي عن بيع الغرر كل غرر والنهي يقتضي الفساد.
ومن فوائده أيضًا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم، ويحب هو أيضًا جوامع الكلم حتى في الدعاء كان يدعو بجوامع الكلم ويدع ما سوى ذلك، وبهذا نعرف خطأ أولئك الذين يأتون بأدعية طويلة عريضة مسجوعة وهذا خلاف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: حرص الشارع على تجنب كل ما يكون سببًا للعداوة والبغضاء، ومن أجل ذلك نهى عن بيع الغرر والحصاة.
ومنها أيضًا: حرصه على أن ينهى عن كل شيء يكون سببًا للطمع والجشع والتكالب على الدنيا يؤخذ أيضًا من النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر.
ويستفاد من الحديث: بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث يذكر بعض أفراد العام ليكون كالمثال له لقوله: بيع الحصاة وعن بيع الغرر.
ويستفاد من الحديث: النهي عن الإجارة إذا تضمنت غررًا، ووجهه: أن الإجارة نوع من البيع فهي بيع منفعة إلى أجل مسمى، الإجارة إلى مدة مجهولة لا تصح؛ لأنها غرر، وهل يستثنى من بيع الغرر شيء؟ الجواب: يستثنى منه ما جرى به العرف ولم يعده الناس غبنًا مثل