للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحصل، إذا باع عليه دينًا في ذمة شخص لا يجوز هذا هو المشهور من المذهب، مثل رجل يطلب شخصًا ليأخذ مائة صاع برّ له في ذمته فباعه على زيد فإنه لا يجوز؛ لأنه غير مقدور عليه، قد يحصل وقد لا يحصل، ربما يفتقر هذا المطلوب وربما يموت وينكر الورثة وربما يجحد، المهم: أنه غير مقدور عليه، فلا يجوز بيعه، أما بيعه لمن هو عليه فجائز بشرط ألا يربح البائع بأن يبيع بسعر المثل فأقلّ مثل لو كان في ذمته لي مائة صاع برّ، والصاع في السوق يساوي أربعة ريالات وقال: غدًا تبيع عليَّ الأصواع التي في ذمتي؟ قال: أبيع عليك الصاع بخمسة ريالات هذا لا يجوز، لماذا؟ لأنه ربح فيما لم يدخل في ضمانه، وقد نهى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن، والشيء الذي في ذمة غيرك لك ما دخل في ضمانك حتى الآن، فإذا بعته بربح فإنك تكون قد وقعت فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمر لما سأله أن يبيع الإبل بالدراهم ويأخذ معها الدنانير وبالدنانير ويأخذ عنها الدراهم قال: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء، رجل باع دراهم له عند شخص بسعر يومها فهذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه محظوران: المحظور الأول: عدم القبض وهذا يجري فيه الربا ربا النّسيئة، والثاني: أنه في ذمة الغير، فإن بعت هذه الدراهم بدراهم أو بدنانير على الذي في ذمته هذا يجوز: "ما لم تتفرقا وبينكما شيء"، فإذا كانت في ذمته لي ألف درهم وبعته عليه بمائة دينار يجوز، لكن بشرط أن يسلمني مائة الدينار قبل التفرق؛ لأن بيع الذهب بالفضة يجب فيه التقابض قبل التفرق.

يوجد شرط آخر: وهو أن تكون بسعر اليوم أو أقل لا بأكثر، فمثلًا الألف درهم إذا كانت تساوي مائة دينار وبعتها عليه بمائة وعشرين دينارًا فالبيع غير صحيح، لأني بعتها عليه بأكثر من سعرها، إن بعتها بمائة يصلح مع التقابض، إن بعتها بثمانين يصلح، لكن قد تقول: إنك إذا بعتها بثمانين خالفت ظاهر حديث ابن عمر: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها"، فإن ظاهره ألَّا تأخذ بأقل ولا بأكثر، والجواب على ذلك أن يقال: إن المقصود من قوله: "بسعر يومها" ألا يزيد، أما إذا كان ينقص فهذا إحسان، ويدل على ذلك أن المنهي عنه هو الربح فيما لم يضمن، أما إذا بعت بالمائة فجائز، وإذا بعت بأقل فيكون أجود؛ لأن هذا فيه رفق بالمطلوب بدل ما أبيع عليه ألف درهم بمائة دينار أبيع عليه بتسعين دينار، يكون في هذا إحسان إليه -والدراهم والدنانير ليس فيها ربا- ولهذا اشترطنا التقابض قبل التفرق.

المهم: أن القاعدة في بيع الغرر صوره لا تحصى، بل القاعدة في ذلك: أن يكون مجهولًا ومحتملًا إنسان وقّف المبيع ومعه سيارة مشحونة بالحبحب أو بالجح، فقال له: أبيعك هذه كل واحدة بدرهم هل يجوز؟ لا يجوز، لماذا؟ لأنه يمكن أن يكون في الأسفل جح لوحده صغيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>