يوصف به العقد أو الفعل من صحة أو فساد أو شرط أو مانع أو سبب، يعني: هذه الأشياء ليست تكليفية فلا يقال فيها حرام أو واجب، فهي أحكام وضعية بمعنى: أن الشارع وضعها علامة على النفوذ أو عدم النفوذ، المهم: أنه إذا وقع بيع الغرر فهو حرام، والمتعاقدان آثمان، والبيع فاسد باطل يجب ردّه.
"بيع الحصاة"، هذه البيوع السابقة كلها فاسدة مع الإثم ويجب ردّها، "بيع الغرر" كثير جدًّا له مئات الصور نذكر منها الآن، أولًا: بيع الحمل غرر؛ لأنه إن ظهر سالمًا متعددًا غنم المشتري، والعكس بالعكس، ومن بيع الغرر: أن يبيع العبد الآبق؛ أي: الذي هرب عن سيده هذا إذا باعه فإنه لا يجوز، لماذا؟ لأنه غير مقدور على تسليمه، يمكن أن يأتي ويمكن ألَّا يأتي، إن جاء فالغانم المشتري وإن لم يأت فالغانم البائع، والمشتري غارم.
فإن قال قائل: لا يمكن أن يكون المشتري غانمًا لأن المشتري قد بذل الثمن.
فالجواب: أن المشتري للآبق لا يمكن أن يشتريه بقيمة الحاضر المقدور عليه، إذا كان هذا العبد يساوي مائة فيشتريه بخمسين مثلًا فحينئذ إن وجده صار غانمًا، وإن لم يجده فهو غارم خمسين بدون فائدة، الجمل الشارد كذلك فمثلًا: إنسان له جمل شارد، يعني: هارب من أهله لا يجوز بيعه، لماذا؟ لأنه غير مقدور عليه قد يأتي وقد لا يأتي، والجمل في المرعى مقدور عليه، فلو باع عليه جمله الذي في المرعى صح؛ لأنه مقدور عليه بخلاف الشارد الذي هرب.
ومثله بيع طير في هواء، مثل: أن يكون له حمام ليس في الأبراج فيبيعه، هذا البيع أكثر العلماء على عدم الصحة وقالوا: لأن الطير في الهواء غير مقدور عليه، وبعضهم يقول: إن ألف الرجوع جاز بيعه، وإلا فلا يجوز، وهذا التفصيل لا شك أنه يجري على القواعد؛ لأنه إذا ألف الرجوع فهو كالبعير الذي في المرعى يأتي في آخر النهار وهذا أيضًا يأتي في آخر النهار