كان المنشد جيد الإنشاد حسن الصوت فإنه لابد أن يسلب عقول الناس ويتجمعوا إليه فإذا حصل هذا منع لئلا يشوش على الناس, ولئلا تحصل الفتنة بهذا الرجل فيزدحم الناس عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أدب عمر رضي الله عنه؛ حيث إنه لم ينكر عليه رأسًا, لكن لحظك عليه لحظة؛ لأنه - أي: عمر رضي الله عنه - كان في قلبه أن هذا الرجل لا يمكن أن ينشد في المسجد إلا عن برهان لكن مع ذلك لم يتركه بل لحظه.
وفيه من الفوائد: بأنه أخبره أأن النبي صلى الله عليه وسلم يقره.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز العمل بالإشارة, ولاسيما التي تظهر على وجه افنسان فهو يشبه العمل بالفراسة, يؤخذ من فهم حسان أن عمر ينكر عليه, وهذا شيء مفطور عليه الناس أنهم يحسون برضا الإنسان وكراهة الإنسان فيما يظهر على وجهه, وقد قال الله تعالى: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} [الفتح: ٢٩]. وقال: {تعرفهم بسيماهم} [البقرة: ٢٧٣]. وقال: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفناهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول} [محمد: ٣٠]. فالعمل بمثل هذه القرائن له أصل في الشريعة, لكن هل يكون هذا بينة ملزمة أو لا؟ الجواةب: لا, لكنه قرينة ينبغي بعد وجودها أن يبحث الإنسان.
ومن فوائد هذا الحديث: جرأة الصحابة - رضي الله عنهم - بالحق وذلك في قول حسان: «قد كانت أنشد فيه وفيه من هو خير منك» لأن هذه بالنسبة لعمر رضي الله عنه عبارة قوية, وكان يغني عنها لو شاء بأن يقول: قد كنت أنشدفيه وفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيه أيضًا: العمل بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم, وأن ما أقره فهو حجة؛ لأن حسانًا استدل بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم إياه على الإنشاد في المسجد, ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل؛ ولهذا جعل العلماء سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أقسام: القول, والفعل, والإقرار, يعني: إقرار غيره على الشيء, ولكن ما أقر عليه فإما أن يكون مما يتعبد به فيكون عبادة, وإما أن يكون مما لا يتعبدبه فلا يكون عبادة, ولكن يكون جائزًا.
ولكن الذي يقره من العبادات هل يكون من سنته التي يدعى إليها جميع الناس أو لا يكون؟ الجواب: سبق لنا هذا, وقلنا: إنه لا يكون من سنته التي يدعى إليها الناس, وضربنا لهذا أمثلة؛ منها: إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي كان يقرأ لقومه في سفره فيختم بـ {قل هو الله أحد}. فأقره لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنه لأمته لم يقل لأمته إذا قرأتم القرآن فاختموا بـ {قل هو الله أحد} , أو هو يفعله أيضًا لكنه من باب الجائز, لكن إقرار مثل هذا الفعل من السنة, ففرق بين أن تقول: