للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخاطبة الابن لأبيه إن كان أعلى منك، وتناقشه بأدب واحترام وهدوء فيما كان مخطئاً فيه في ظنك حتى يتبين هل هو أخطأ أم لم يخطئ، وعلى العالم ألا يستنكر من بيان الخطأ ممن دونه، فكم من إنسان دون غيره وفق للصواب ولم يوفق من هو أعلم منه، تناقشه بهدوء حتى تبين له الحق ويرجع.

ومن النصيحة للعلماء: ألا تنشر أخطاءهم بين الناس، مع العلم بأنهم قد يكونوا هم على الصواب، لكن بعض الناس إذا رأى خطأ في ظنه من عالم طار به فرحاً ونشره بين الأمة؛ لأنه يحب أن يذل هذا العالم يشمت فيه الناس، وهذا -والله- من النصيحة، النصيحة إذا أخطأ العالم أن يوجه -وكما قلنا في الفقرة الماضية- بهدوء وإرادة الصواب، ومن العجب أن بعض الناس من غشه للعلماء أنه إذا كتب الإنسان مقالاً فيه حرف فيه خطأ وفيه صواب، يأخذ الخطأ ويترك الصواب، وربما كان هذا الصواب الذي حذفه مقيداً للخطأ، فيكون هذا مثل الذي يقول فويل للمصلين، أو يقول: لا تقربوا الصلاة، وهذه جناية -والعياذ بالله- وخيانة، وليست من النصيحة، لكن مع الأسف الشديد أن الحسد بين العلماء أكثر منه في غيرهم نسأل الله السلامة، مع أن الواجب على العلماء هو أن يكونوا يداً واحدة؛ لأنهم يحملون الشريعة، ثم إذا أتى الله أحداً منهم فضلاً فقد قال الله عز وجل: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعضٍ للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله} [النساء: ٣٢]. أنت إذا رأيت الله قد من على شخص بعلم ودين وجاه فلا تحسده، بل قل: اللهم زده حتى ينفع الناس؛ لأن الإنسان إذا كان له جاه صار انتفاع الناس به أكثر فقل: اللهم زده وكما أعطيته فأعطني أسأل الله من فضله ولا تتمنى ما فضل الله به غيرك عليك.

رابعاً: من النصيحة للعلماء: نشر ما يبثونه من العلم بشريعة الله، وهذه مساعدة للعلماء؛ يعني مثلاً: عالم حضر عنده عشرون طالباً، إذا نشر كل واحد من هؤلاء علمه لعشرة أنفار كم يكونون؟ مائتين بالإضافة إلى العشرين، وهذه لا شك أنها من النصح للعلماء أن تنشر، علمه وسواء أضفت هذا إليهم فقلت: قال العالم الفلاني كذا أم لم تضفه؛ لأن الذي يعطي الأجر الله سبحانه، وهو عالم -سبحانه وتعالى- بمن نشر هذا العلم؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان مثلاً أن يجزع إذا قال أحد بقوله ولم ينسبه إليه؛ لأن يقول: الحمد لله أنت لا تريد أن تشتهر عند الناس، ولا تريد رضا الناس، ولا تريد ثواب الناس إنما تريد ثواب الله عز وجل، فإذا نشر قولك سواء نسبه إليك أو لا فهذه من نعمة الله عليك ومن بركة علمك.

الخامس: من النصيحة للعلماء: أنك إذا رأيت العالم فعل ما يزدريه الناس به أن تنصحه وتقول: الناس انتقدوك في كذا حتى وإن لم يكن مسألة شرعية؛ لأنكم تعلمون أن العوام

<<  <  ج: ص:  >  >>