ما مناسبة هذا الحديث لباب العدة والاستبراء؟ لأنه لا يظهر لنا وجه في ذكره في هذا الباب؟
فيقال: لعل المؤلف ذكره في هذا الباب اعتبارًا بأن المعتدات قد يحتجن إلى من يبيت عندهن إذا مات أزواجهن وانفردن بالبيت، فأراد المؤلف أن يبين إلى أن المرأة لو احتاجت إلى من يبيت عندها فإنه لا يبيت عندها إلا محرم أو زوج.
في هذا الحديث دليل على فوائد منها: خطورة اجتماع الرجل والمرأة إذا لم تكن ذا محرم منه أو زوج، وجه الخطورة النهي عن ذلك؛ لأن الشرع لا ينهى عن شيء إلا وفيه مفسدة إما راجحة وإما خالصة.
ومن فوائده أيضًا: تحريم خلو الرجل بالمرأة إلا أن يكون ناكحًا أو ذا محرمٍ، ويكون ذكر المبيت على سبيل المثال، وإن كان قد يعارض معارضٌ فيقول: المبيت أخطر من مجرد الانفراد والخلوة؛ لأن المبيت سوف يبقى عندها ليلة كاملة بخلاف من انفرد بها ساعة أو ساعتين ولكن يقال: إن العلة واحدة وهي الخوف على المرأة ويؤيد هذا الحديث الذي بعده.
ومن فوائد الحديث: عناية الشرع بالأخلاق؛ لأن مثل هذه الحال سبب للفاحشة المنافية للأخلاق.
ومن فوائد الحديث: جواز بيتوتة المحرم مع ذات المحرم منه وظاهر الحديث الإطلاق؛ يعنى: سواء كان مأمونًا أو غير مأمون.
لكن هنا غير مراد، المراد "ذي المحرم": المأمون، أما من ليس بمأمون فإن كغيره بل قد يكون أوجب، بل قد يكون الحظر منه أوجب من غيره.
فإن قلت: وهل يمكن الذي محرم أن يفعل الفاحشة بمحرمه؟
فالجواب: نعم يمكن، وهذا وقع- والعياذ بالله- من زنى ببناته، ووقع من زنى ببنات أخيه كما أخبرنا عن ذلك الثقات، والشيطان إذا بعد الإنسان من الإيمان لعب به وبعقله ومروعته، وإلا فلا يمكن الذي مروءة أن يزني بمحارمه أبدًا لكن الشيطان إذا استولى على قلب الإنسان واستحوذ عليه أنساه ذكر الله وصار كأنه بهيمة، المهم: أن الحديث ليس على إطلاقه بجواز بيات ذي المحرم مع ذات المحرم منه، بل يشترط أن يكون أمينًا، وهل يشترط العلم بالأمانة أو الأصل هي الأمانة؟ الأصل في ذوي المحارم أن يكونوا أمناء، لكن إذا علمنا أنه ليس بأمين فحينئذٍ نقول: لا تبت ولا نأمنه عليها.