١٠٧٩ - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "لا يبيتنَّ رجلٌ عند امرأةٍ، إلا يكون ناكحًا، أو ذا محرمٍ". أخرجه مسلمٌ.
"لا" ناهية، والفعل هنا ليس مجزومًا ولا الناهية عملها الجزم فلماذا لم نر الجزم هنا؟ الجواب: أن هذا الفعل متصل بنون التوكيد، والفعل المضارع إذا اتصل بنون التوكيد أو بنون النسوة صار مبنيًّا لا معربًا فلا يتغير باختلاف العوامل، فهو مع نون التوكيد يبني على الفتح، ومع نون النسوة يبنى على السكون قال الله تعالى:{كلا ليبدنَّ في الحطمة}[الهمزة: ٤].
وقال تعالى:{والمطلقات يتربصن}. إذن "لا" ناهية والفعل مبني على الفتح في محل جزم، وقوله:"لا يبيتن رجل"، "رجل" نكرة في سياق النهي تشمل أيَّ رجل، سواء كان من أقارب المرأة أو من الأباعد، وسواء كان ممن يثق بنفسه أو لا يثق، وسواء كان شابًّا أو شيخًا كبيرًا لا حراك به؛ لأن مقتضى النكرة هكذا، وقوله:"رجل" المعروف في اللغة العربية أن لفظ رجل يراد به البالغ ولكن إذا نظرنا إلى قوله تعالى: "أو الطفل الذين لم يظهروا عل عورات النساء} [النور: ٣١]. تبين أن الطفل الذي ظهر على عورات النساء حكمه حكم البالغ فإن من الأطفال من يكون ظاهرا على عورات النساء له شغف بهن وله تصور فهذا وإن لم يكن بالغًا لكنه يخشى إن لم يعبث غيث به لا سيما إن كان كبير الجسم، إذن فنقول كلمة رجل وإن كانت للأصل للبالغ، فإنها هنا يراد بها: البالغ ومن دونه إذا كان من الأطفال الذين ظهروا على عورات النساء وهل يشمل العاقل والمجنون أو العاقل فقط؟ يشمل العاقل والمجنون بل وفي المجنون أولى فلا يمكن المجنون من أن يبيت عند امرأة وقوله: "عند امرأة" نقول فيها ما قلنا في رجل، الأصل أن كلمة امرأة للبالغ لكن الظاهر هنا أنه يشمل من تتعلق بها الرغبة وإن لم تكن بالغة أما الصغيرة الطفلة فلا تدخل في الحديث قطعا.
وقوله: "إلا أن يكون ناكحا" هو الزوج والناكح، هنا: المعقود له النكاح وإن لم يدخل بها أو ذا محرم، أي: صاحب محرم أي حرمة، وذو المحرم كل من تحرم عليه المرأة ينسب أو رضاع أو مصاهرة، فالمحرمات بالنسب سبع ولم نكن بعيدين عهدا بهن والمحرمات بالرضاع مثلهن سبع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" والمحرمات بالصهر أربعًا: أصول الزوج، وفروعه، وأصول الزوجة، وفروعها حسب الشروط المعروفة في ذلك فخرج بقوله: "ذا محرم" من ليس بذي محرم كالقريب الذي لا تحرم عليه المرأة أي لا يحرم عليه نكاحها فهذا ليس بمحرم ولو كان من أقرب الناس إليها كابن العم وابن الخال، قد يقول قائل: