متيقنة واليقين لا يزال إلا بيقين فيبقى إلى تسعين سنة وبعضهم قال: إلى مائة وعشرين، وبعضهم قال: ينظر إلى أطول الأعمار من هذه القبيلة، بعض القبائل يكون إلى مائة وخمسين ومائة وستين، فننتظر مائة وستين سنة ثم نحكم بعد ذلك بموته، ولكن هذا قول ضعيف لا شك فيه، لأننا إذا حكمنا بهلا ضررنا بأناس كثيرين من، الورثة سواء كان المفقود وارثا أو موروثًا، فالصواب: أن الحاكم يضرب له مدة إنا غلب على الظن أنه هالك حكمنا بهلاكه، لو حكمنا بهلاكه ثم جاء بعد ذلك فماذا نصنع؟ نرد الأحكام حتى تنطبق مع أحكام كونه حيًّا، فمثلًا إذا كان قد ورث أخذنا المال من الذين ورثوه وإذا كان قد حرم من الميراث وأعطي شخصا آخر كما لو كان هو أخا شقيقا ومن أجل الحكم بموته أعطيناه العم الشقيق فإنه يؤخذ من العم الشقيق ويرد إليه؛ لأنه تبين أن مستحقه موجود فيرد إليه، الزوجة إن كانت لم تتزوج فالأمر سهل يستردها وإن كانت قد تزوجت فاختلف العلماء هل يفرق بين الدخول عليها أو عدمه أو الحكم سواء؟ في أن الزوج المفقود يخير بين أخذ زوجته أو إبقائها مع الزوج الذي أخذها فإن أخذ زوجته فالأمر ظاهر وإن أبقاها معه أخذ منه مقدار الصَّداق الذي أعطاها؛ لأن هذا الرجل لما تزوَّجها صار بمنزلة المتلف لها فيضمن للزوج الأول مهره، والصحيح أنه لا فرق بين الدخول وعدمه وأن المفقود يخير بين أخذ زوجته وعدمه إما أن يبقيها وإما أن يأخذها، إذا أخذها وقال الثاني: أعطني المهر نقول لا شيء لك لأنك قد دخلت على بصيرة فأنت تعلم أن هذه امرأة مفقود، في احتمال أنه يوجد ثم إنك استحللت فرجها فلها المهر بما استحللت من فرجها ولا شيء لك.
١٠٧٨ - وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها البيان"، أخرجه الدَّارقطنيُّ بإسناد ضعيف.
هذا الحديث لو صح لكان فاصلًا للنزاع، لأنها تبقى حتى يأتيها البيان لكن هذا الحديث ضعيف سندا وشاذٌّ متنًا؛ وذلك لأننا لو ألزمنا امرأة المفقود بأن تبقى حتى يتبين صار في هذا ضرر عظيم عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار"، بل قال الله تعالى للمطلقين:{ولا تمسكوهنَّ ضرارًا لتعتدوا} فنفى الضرار عن المرأة وعلى هذا فالحديث لا حجة فيه والعمل على الأثر الذي صح عن عمر رضي الله عنه أنه يضرب مدة حتى يغلب على الظن أو يتبين أن المفقود قد مات ونحكم بذلك.