ويمكن أن نقول: إن الرسول يفعل ذلك لكل هذه الحكم، ولغيرها أيضا، والذي يعينا من ذلك أنه من الأمور المشروعة.
يستفاد من هذه الأحاديث - الحديث الأول -: مشروعية التكبيرات الزوائد في صلاة العيد، لقوله:"التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمس في الأخرى".
ويستفاد من الحديث: أن الحكمة في كثرة التكبير في أيام العيد تحقيقا لقوله تعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله}[البقرة: ١٨٥].
ولهذا تجدون من غروب الشمس ليلة العيد يشرع التكبير والجهر به في الأسواق وفي المساجد وكذلك صلاة العيد وكذلك خطبة العيد يكثر فيها من التكبير، واختلف العلماء هل يبدؤها بالتكبير، أو يبدؤها بالحمد؛ ولهذا أكثر الفقهاء على أنه يبتدأ خطبة العيد بالتكبير تسع تكبيرات في الخطبة الأولى، وسبع في الخطبة الثانية، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يبدؤها بالحمد كغيرها من الخطب، ولكن يكثر فيها التكبير فيتبين بهذا الحكمة في هذه الزوائد - أي: في التكبيرات الزوائد - أن كل هذا الزمن وقت تكبير الله عز وجل.
ويستفاد من الحديث: أن العدد هو هذا سبع في الأولى معها تكبيرة الإحرام فتكون الزوائد ستًا وخمسًا في الثانية وهي زوائد كلها.
ويستفاد من ظاهر الحديث: أنه لا يقول بين التكبيرات شيئًا، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم أنها تكبيرات بدون ذكر بينها، وذهب آخرون إلى أنه يسن الذكر بينها اعتمادًا على ما روي عن ابن مسعود يكن أنه كان يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
أمَّا الحديث الثاني: فيستفاد منه: مشروعية قراءة "ق" و"اقتربت الساعة" لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل نقول بوجوبها؟ لا نقول به؛ لأن عندنا قاعدة سبق أن قررناها وهي أن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب، ثمَّ إنه عندنا أيضًا دليل آخر وهو قوله - عليه الصلاة والسلام -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب". فهذا دليل على أن غيرها لا تجب قراءته.
ويستفاد من هذا الحديث: مراعاة الأحوال؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - كان يقرأ بهاتين السورتين في المجمع الكبير في صلاة العيد، ولم يقرأ بهما في صلاة الجمعة فيما نعلم، وذلك لطولهما، والجمعة يسبقها خطبة، فلو اجتمع الخطبة وطول الصلاة لشق ذلك على الناس، لاسيما والجمعة تأتي في وقت الظهيرة والحر بخلاف العيد.
فإن قال قائل: لو قال الناس: يطول علينا إذا قرأ "ق"، واقتربت" فما الجواب؟