للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد يرجح أنه لابد أن تكون مباحة؛ لأننا إذا أذنا له أن يمسح على المحرمة فهذا إذن له بإبقائها وألا يبالي بها، وإذا قلنا بالمنع فإنه سوف يحرص على أن يزيلها، أو على الأقل ألا يسمح عليها ويبقيها، فالمسألة عندي فيها تردد.

المبحث الرابع: وهل يشترط أن يلبسها على طهارة؟ في هذا قولان:

القول الأول: أنه يشترط أن يلبسها على طهارة قياسا على الخفين.

والقول الثاني: لا يشترط؛ لأن الشرط لابد له من دليل، ولا دليل على هذا، ولا يصح أن تقاس على الرجلين ذلك؛ لأن طهارة العضو الذي عليه هذه العمامة طهارة مخففة وهي المسح، والمسح على العمامة من جنس المسح على الرأس كلاهما واحد، فالطهارة لا تشترط، أما الخف فإن العضو الذي عليه الخف طهارته الغسل فهو أشد، ثم إن مسح الخف ليس من جنس غسل الرجل، فهو طهارة من جنس آخر، وهذا القول أصح، بمعنى: أنه لا يشترط في العمامة أن يلبسها على طهارة؛ لأننا إذا تجاوزنا وقلنا بجواز القياس في العبادات فالقياس لابد من اتفاق الأصل والفرع فيه، وهنا لم يتفق الأصل والفرع.

المبحث الخامس: هل لها مدة، أو نقول: ما دام الإنسان معتما فليمسح على العمامة وإذا أزالها فليمسح الرأس؟ قولان:

القول الأول: لابد لها من مدة قياسا على الخفين.

والقول الثاني: أنها لا مدة لها لعدم الدليل على ذلك، ولو كانت المدة من شريعة الله لبينها النبي صلى الله عليه وسلم، والقياس على الخفين صحيح أو لا؟ غير صحيح كما علمتم، وعلى هذا فنقول: ما دمت لابسا للعمامة فامسح عليها، وإذا خلعتها فامسح على الرأس، وليس هناك توقيت.

المبحث السادس: هل يجوز المسح عليها في الجنابة - يعني" في الغسل-؟ الجواب: ى، لا يجوز المسح عليها في الغسل لقول الله تعالى: {وإن كنتم جنبا فاطهروا} [المائدة: ٦]. وليس في طهارة الحدث الأكبر شيء ممسوح إلا ما دعت إليه الضرورة كالجبيرة، والضرورة ليست داعية إلى العمامة، فالعمامة لا يجوز المسح عليها في الحدث الأكبر؛ لأن الحدث الأكبر لابد فيه من تطهير جميع البدن لقول الله تعالى: {وإن كنتم جنبا فاطهروا} [المائدة: ٦].

وقوله في الحديث: "وعلى الخفين" يعني: مسح على الخفين، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم تعليلا للمسألة، إلا أنه أدخلهما طاهرتين، فلنأخذ بهذا الشرط حتى نصل إلى باب المسح على الخفين إن شاء الله.

أما قوله: "وعلى ناصيته" فقد أخذ منه بعض العلماء جواز الاقتصار على مسح الناصية في الرأس، وأنه لا يجب استيعاب الرأس في المسح، لكن في هذا نظر؛ لأن قوله: "فمسح على

<<  <  ج: ص:  >  >>