للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد هذا الحديث: مراعاة الشريعة الإسلامية المطهرة لحال الإنسان، ووجه ذلك: أنه إنما أمر أن يتقدم العشاء قبل صلاة المغرب؛ لأن نفسه متعلقة به فأعطي للإنسان الحرية بتناول الطعام.

ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا لم يقدم العشاء، ولكن الإنسان جائع والعشاء في القدر فإنه يقدم صلاة المغرب؛ وذلك لأن تعلق النفس بالعشاء المقدم أقوى من تعلقها بالعشاء الذي على النهار، فلا يقول الإنسان: أنا جائع وأنتظر نضوج الطعام، ثم أتعشى، نقول: لا؛ لأن التعلق به وهو في القدر ضعيف فلا يكون كالمقدم.

ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره لا فرق بين أن يخاف فوات صلاة الجماعة أو لا؛ لأن الحديث عام، وعلى هذا فيكون تقديم العشاء- بل تقديم الطعام وهو يشتهيه- عذرا في ترك صلاة الجماعة، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما - على ورعه- يتعشى وهو يسمع قراءة الإمام ويبقى حتى ينتهي.

ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره أنه يقدم العشاء ولو خاف فوات الصلاة- أي: خروج الوقت-، ولكن هذا غير مراد؛ لأنه لا يجوز إخراج الصلاة عن وقتها، وليس هذا من الأعذار التي تبيح إخراج الصلاة عن وقتها.

فإن قال قائل: إذا كانت الصلاة التي قدم الطعام في حضورها تجمع بما بعدها، فهل له أن يجمع؟

فالجواب: نعم له ذلك؛ لأن كل عذر يسقط الجماعة فإنه يبيح الجمع.

ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره أن الإنسان يأكل حتى يشبع، ولا نقول: كل لقمة أو لقمتين ثم قم؛ لأنه ربما يزداد تعلقا بالطعام إذا أكل منه لقمة أو لقمتين، وعليه فنقول: له أن يأكل حتى يشبع ثم يقوم للصلاة ليكون فارغ القلب.

ومن فوائده: أنه يقاس على الطعام إذا حضر كل ما يشتغل به القلب، والقياس حينئذ صحيح، قياس مماثل أو قياس مساواة، وعلى هذا فإذا كان الإنسان ليس عليه إلا ثياب قليلة، واشتد عليه البرد وقد سمع إقامة الصلاة فهل يذهب ويصلي مع اشتغال قلبه وتألمه من البرد، أو نقول: البس ثم صل؟ الثاني: وكذلك لو كان حر مزعج يحتاج إلى أن يغتسل حتى ينشط

<<  <  ج: ص:  >  >>