ويزول عنه الحر، فنقول كذلك يعذر فنأخذه قاعدة عامة:"كل مشغل عن حضور القلب في الصلاة فإنه يبدأ به قبل الصلاة ما لم يخش خروج الوقت".
٢٣١ - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى، فإن الرحمة تواجهه". رواه الخمسة بإسناد صحيح. وزاد أحمد:"واحدة أو دع".
قوله:"إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى" الحصى: المراد به: الذي فرش به المسجد، وكان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تفرش المساجد بالحصى الصغار، وقوله:"فإن الرحمة تواجهه" يعني: أنه إذا سجد على الحصى مع شدته وصلابته فإن الرحمة تواجهه؛ أي: يكون ذلك سببا للرحمة، وذلك لمشقة السجود عليه؛ لأن هناك فرقا بين أن يسجد على حصى أو يسجد على فراش، فالحصى نقول: لا تمسحه، دعه على ما هو عليه، واسجد عليه لتنال بذلك الرحمة حيث قمت بالسجود لله عز وجل مع صعوبته.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا ينبغي للإنسان ألا يعبث في الصلاة فلا يتحرك إلا لحاجة لقوله: "فلا يمسح الحصى" ومنها أنه إذا احتيج إلى الحركة فإنها تتقدر بقدرها وهذا تفيده رواية الإمام أحمد: "واحدة أو دع".
ومنها: أن المساجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت تفرش بالحصى؛ لأنه أنظف من التراب، ولعل الرمل حول المدينة قليل، وإلا فالرمل أسهل للناس، وكانت المساجد إلى زمن قريب تفرش بالرمل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه كلما صعبت العبادة على وجه لا يمكن دفع الصعوبة به فإنه يزداد الأجر لقوله: "فإن الرحمة تواجهه"، ولكن هل يطلب الإنسان المشقة مع إمكان التسهيل؟ لا؛ ولهذا لو كان الإنسان في البر والماء بارد وأمكنه أن يسخن الماء فهل الأفضل أن يتوضأ ويغتسل بالماء البارد، أو نقول: سخن الماء؟ الثاني بلا شك؛ لأن الله يقول:{ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وءامنتم}[النساء: ١٤٧] لكن إذا كان لابد من مشقة للعبادة؛ فهنا نقول: الجر على قدر المشقة.