نقول: في هذا الحديث عدة فوائد منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل وكيلاً في خيبر؛ لأن هذا من الحزم، فإن الإنسان مهما كان لا يمكن أن يحيط بجميع الأعمال المنوطة به، والنبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون قد أنيطت به الأمة كلها، فلابد أن يتخذ أعواناً ووكلاء، من جملة من اتخذ من الوكلاء هذا الرجل وكيلا في خيبر من أجل جمع ما للمسلمين من الثمار والزروع من خيبر ومراقبة اليهود.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الوكالة، فما هي الوكالة؟ الوكالة سبقت تفسيرها بأنها لغة: التفويض، ومنه التوكيل على الله تفويض الأمر إليه، وفي الاصطلاح تفويض غيره في عمل يملك التصرف فيه.
ومن فوائد الحديث: أن الصحابة- رضي الله عنهم- إذا أرادوا أمراً، ولاسيما فيما يتعلق بشئون المسلمين العامة أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم لأن جابراً أخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه يحتمل أن جابراً إنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يأمر له بشيء.
ومن فوائد الحديث: جواز إعطاء الإمام ما يعطيه من الرعية على حسب ما يرى أنه مصلحة ولا يلزمه أن يسوي الناس في هذا، بل الواجب أن يعدل بين الناس، وهنا فرق بين التسوية وبين العدل، والعدل إعطاء كل ذي حق ما يستحقه، والتسوية أن يسوي بين الناس، هنا نعرف خطأ من يقول: إن الدين الإسلامي جاء بالمساواة فإن هذا خطر عظيم ومبدأ لغرض فاسد، والدين الإسلامي أبعد ما يكون عن المساواة {لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل}[الحديد: ١٠]{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}[النساء: ٩٥]{هل يستويان مثلا}{قل هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعلمون}[الزمر: ٩] وإذا قلنا بأن الدين الإسلامي دين المساواة احتج علينا من يقول: إذن المرأة يجب أن تساوي الرجل، فإذا قلنا: إن الدين الإسلامي دين العدل انفصلنا وانفككنا عن هذا المبدأ؛ لأنه ليس من العدل أن تسوى المرأة بالرجل، المهم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتصرف فيما يعطي من بيت المال بحسب ما تقتضيه الحكمة والعدل لا بالتسوية، صحيح أن دين الإسلام يسوي بين الشيئين المتفقين وهذا لا نسيمه تسوية بل نسميه عدلاً، لأن التسوية ليس فيها معنى العدل، العدل قد تضمن معنى لا يتضمنه لفظ التسوية.
ومن فوائد هذا الحديث حسب الجملة التي حذفها المؤلف رحمه الله- أنه ينبغي للإنسان أن يجعل أمارة يعرف بها صدق المدعي× لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أمارة بأن يضع المدعي يده على ترقوته.
نسبت أن أتكلم عن الوسق هو الحمل الذي تحمل به الإبل، ومقداره ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم فكم تكون خمسة عشرة وسقا؟ تسعمائة ساع بالصاع النبوي.
إذا قال قائل: هذا العطاء كثير كيف يعطي النبي صلى الله عليه وسلم رجلا واحدا خمسة عشرة وسقا؟
فالجواب: أن هذا العطاء ليس عندنا دليل أنه لجابر وحده، قد يكون جابر ومعه آخرين، وإذا كان لجابر ومعه آخرين فليس غريبا أن يعطيه النبي صلى الله عليه وسلم هذا العطاء الكبير.