٣٢٥ - وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: "سجدنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في: {إذا السماء انشقت}(الانشقاق: ١) و: {اقرأ باسم ربك}(العلق: ١). رواه مسلم.
كان المؤلف (رحمه الله) أنهى الأحاديث التي أتى بها لبيان سجود السهو، وقد سبق لنا عدة أنواع مما وقع للرسول (صلى الله عليه وسلم)، منها: أنه قام من الركعتين ولم يسجد، يعني: لم يتشهد التشهد الأول، هذا واحد.
والثاني: أنه صلى خمسًا، ومنها: أنه سلم من ركعتين في إحدى صلاتي العشي: إما الظهر وإما العصر، وسبق لنا أن فيما وقع من النبي (صلى الله عليه وسلم) من السهو دليلًا على أن النبي (صلى الله عليه وسلم) تلحقه أحكام البشر، وسبق لنا: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا يعلم الغيب أيضًا، وبهذا نعلم خطأ ما يفعله بعض الناس إذا انتهوا من بعض الأعمال حيث تراهم يكتبون:{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}(التوبة: ١٠٥). إن هذا خطأ كبير؛ لأنه وإن كان الله يراه لكن الرسول لا يراه، ثم ن هذه الآية نزلت في تهديد المنافقين. فكيف تجعل مكتوبة على أعمال خيرية؟ لكن ظني أن أول من وضعها رجل جاهل لا يعرف القرآن، وأخذها الناس عنه تقليدًا، وهذا مما يجعلنا نتأمل غاية التأمل فيما يقال بين الناس من هذه الكلمات وغيرها؛ لأنها ربما تحمل معاني لا تصح ونحن أخذناها مسلمة.
فالحاصل: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا يعلم الغيب، ولا يرى شيئًا بعد وفاته حتى لو قلنا: بأنها تعرض عليه أعمال أمته إن صح ذلك فإنه لا يراها لكنه يعلمها، وفرق بين العلم وبين الرؤية، ثم إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) نفسه لا يعلم إلا ما علمه الله -سبحانه وتعالى-، ولهذا قال الله تعالى {وعلمك ما لم تعلم}(النساء: ١١٣). وهو من دعائه (صلى الله عليه وسلم)، بل إن الله أمره أن يقول: } وقل زدني علمًا} (طه: ١١٤). وكان من دعائه: "اللهم علمني ما ينفعني وانفعني بما علمتني وزني علمًا" فمن زعم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) يعلم الغيب فهو مكذب لله ولرسوله والإجماع المسلمين، ثم إن المؤلف أتى بالحديث بعد أن ذكر الكلام على السهو.
فإن قال قائل مثلًا: هل نسيان الرسول (صلى الله عليه وسلم) هل يوجب نقصًا، وهل كونه لا يعلم إلا ما علمه الله هل يوجب ذلك نقصًا؟
الجواب: لا، هو أكمل البشر في علمه بالله (عز وجل) فإنه أعلم البشر بالله وبأحكامه، ولكنه (صلى الله عليه وسلم) بشر كغيره خرج من بطن أمه لا يعلم شيئًا، ثم علمه الله -سبحانه وتعالى- ما من به عليه من