للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأكلون إلا فضلاتهم، وهذا من أمور الغيب التي يجب على المؤمن أن يصدق بها، أليس الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الإنسان إذا أكل ولم يسم شاركه الشيطان؟ بلى فهل نرى الشيطان؟ لا ولكن هذا من أمور الغيب التي يجب علينا أن نصدق بها ونقول سمعنا وآمنا ولا نتعرض لأي إيراد يورده الذهن أو أن نجيب عن كل مورد في مثل هذه الأمور إلا أن نقول هذا خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وخبره صدق.

إذا كان عظم غير مذكاة فإنه يكون نجساً، والنجس لا يليق أن يكون سبباً للذكاة والتطهير، الذكاة تطهر الحيوان فكيف تكون آلة التطهير نجسة على الخلاف في حكمها ولذلك نقول: إذا كانت العظام نجسة فوجد العلة أنه لا يليق أن يكون الشيء النجس بذاته سبباً لتطهير غيره.

الظفر كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «مدى الحبشة» فهل نقول: كل سكين للحبشة لا يذبح بها إلا الحبشة فإنه لا تجوز التذكية بها كما قلنا في قوله وأما السن فعظم؟ لا؛ لأن هذا بيان للواقع، وقد علمنا فيما سبق أن ما كان قيداً لبيان الواقع فإنه لا مفهوم له وعلى هذا فلو قدر أن هناك سكاكين- آلات- لا يستعملها إلا الحبشة فهل نقول: إنه يحرم علينا أن نذكي بها ولو ذكينا لكانت المذكاة حراماً الجواب: لا.

ومن فوائد الحديث: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان يذكر الحكم وعلته، وذكر العلة مع الحكم أمر مطلوب خصوصاً إذا كان فيما يشكل حتى يزول ما في النفس من الإشكال، لأنه قد يقول قائل: ما الذي أوجب أن نستثنى العظم والظفر مما لا يجوز به الذبح؟ فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يزيل هذا الإشكال.

ففي ذكر العلة طمأنينة للمخاطب وراحة، وأحياناً يكون فيها فائدة أيضاً وهي أنه إذا كانت هذه العلة متعدية فإنها تكون مفتاحاً لباب القياس مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا كنتم ثلاثة

<<  <  ج: ص:  >  >>