للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإنسان أن يتصرف في مال غيره إلا بإذنه فهل تحل الذبيحة؟ نعم، وذلك لأن السكين في حد ذاتها آلة ذبح وإنما يحرم الذبح بها لأنها ملك الغير ثم إن استعمال السكين في الذبح ليس منهياً عنه لذاته وإنما المنهي عنه هو استعمال المغصوب في أي وجه من وجوه الانتفاعات، وعلى هذا فنقول: إنه لو ذبح بآلة مغصوبة فعمله محرم والذبيحة حلال.

ومن فوائد الحديث: أن الزكاة لا تصح بالظفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم «ليس السن والظفر» لكن هل المراد ظفر الإنسان أو أي ظفر يكون؟

فيه خلاف: بعض العلماء يقول: المراد بذلك ظفر الإنسان ومنهم من يقول: أي ظفر يكون والأمر محتمل أن يكون أي ظفر يكون، ويحتمل أن يكون ظفر الإنسان وهذا يرجع إلى عادة الحبشة هل هم يذبحون بأظفارهم أو بكل ظفر حيوان؟ الظاهر الأول وأن المراد ظفر الآدمي، لأن استعمال الظفر آلة للذبح يستلزم أن يبقيه الإنسان يستعملها وهذا خلاف الفطرة التي فطر الله الخلق عليها فإن تقليم الأظفار من الفطرة وإذا كان الإنسان يستعملها للذبح فسيتركها ويقول: إذا وجدت حيواناً وليس معنا مدية لأجل أن أذبح بالظفر فيكون ذلك مخالفاً للفطرة.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يحل الذبح بأي عظم، يؤخذ من عموم العلة في قوله: «أما السن فعظم» وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذه العلة قاصرة وأن العلة مجموع الأمرين، أنه سن وأنه عظم وإنما حرم الزكاة بالسن الذي هو عظم لأن ذلك يشبه افتراس الذئب والسباع والإنسان منهي عن أن يتشبه بالسباع والذئاب.

والذين رجحوا هذا القول قالوا: لو كان الأمر للعموم لكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليس العظم فلا يخص السن، فكونه يخص السن بما هو عظم يدل على أن هذا جزء لعلة وليس هو العلة الكاملة، ولكن القول الثاني في هذه المسألة وهو أن المراد جميع العظام وأن قوله ليس السن والظفر إنما ذكر السن فقط دون بقية العظام لأنه هو الذي كان المعهود في التذكية به، فذكر السن لأن هذا هو المعهود أن يذكي به فلهذا نهى عنه واستثناه.

والذين قالوا بالعموم عللوا تعليلاً جيداً قالوا: لأن العظم إما أن يكون عظم مذكاة أو عظم ميتة فإن كان عظم مذكاة لزم منه العدوان على الجن لأن الجن قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم لهم غذاء فقال: «لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدون أوفر ما يكون لحماً» فيأكلونها.

فإذا قال قائل: كيف هذا؟ ألسنا نشاهد العظام نطرحها ثم لا نجد عليها لحماً؟

قلنا: كن جنياً تجد اللحم! لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعلها لحما للجن، أما أنت فآدمي، وقد أخذت ما ينتفع به منها قبل ذلك، وهذا مما يدل على فضل الإنس على الجن أن الجن لا

<<  <  ج: ص:  >  >>