عز وجل، لو أن رجلاً باع ابنه وأكل ثمنه لا يجوز، لأن الحرية لله، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«أنت ومالك لأبيك» يعني: في المنافع لا في الاسترقاق.
الثاني:«رجل استأجر أجيرًا فاستوفي منه ولم يعطه أجره»، استأجر أجيرًا على عمل معين أو زمن معين على عمل معين، مثل أن أستأجره لينظف بيتي، على زمن، مثل أن أستأجره لمدة شهر على عمل كخياطة، أو تشغيل ماكينة هذا إما زمن وإما عمل، "فاستوفي منه" يعني: أخذ حقه كاملاً من هذا الأجير في الواقع يمد يدًا قصيرة، لاسيما وأنه في هذه الحال لا بينه له؛ لأنه لو كان له بينة لكانت حجته قوية ولم يمتنع المستأجر من منع الأجرة في الغالب، فلهذا كان الله تعالى خصم هذا الرجل.
والشاهد من هذا الحديث لباب الإجارة: الصنف الثالث: "رجل استأجر أجيرًا فاستوفي منه ولم يعطه أجره".
في هذا الحديث عدة فوائد: أولاً: إثبات الحديث القدسي وهو الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه، وسمي قدسيًا لقداسته؛ لأنه أعلى ربتة من الحديث النبوي، فكل ما رواه النبي صلى الله لعيه وسلم عن ربه فإنه يسمى حديثًا قدسيًا.
ومن فوائد الحديث: إثبات القول لله؛ لقوله:"قال الله"، وإثبات القول هو مذهب أهل السنة والجماعة، أي: أن الله يقول ويتكلم بما شاء ومتى شاء وكيف شاء.
ومن فوائده: إثبات المخاصمة بين الله تعالى وبين هؤلاء الثلاثة لقوله: "أنا خصمهم" إذا جعلنا الخصم من باب التخاصم، أما إذا جعلنا خصم بمعنى خاصم فإنه لا يكون هناك خصومة من الطرف الثاني، والحديث يحتمل أن يكون الله يخاصمهم ويتكلم معهم، ويقول: لماذا فعلتم، أو ما أشبه ذلك، ويحتمل ان ينزل العقوبة بدون مخاصمة؛ لأنهم مخصومون عند الله.
ومن فوائده: إثبات القيامة التي يكون فيها الجزاء.
ومن فوائد الحديث: عظم هذه الذنوب الثلاثة وأنها من كبائر الذنوب، ووجه كونها من كبائر الذنوب: أن فيها عقوبة معينة ووعيدًا.
ومن فوائد الحديث: وجوب الوفاء بالعهد؛ لأنه إذا كان الغدر به يستلزم خصم الله للإنسان كان ذلك دليلاً على وجوب الوفاء بالعهد، وقد دل عليه القرآن والسنة، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل من لم يوف بالعهد قد ارتكب صفة من صفات المنافقين.