للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصرع، والمصارعة المغالبة أيهما يصرع صاحبه ويضرب به على الأرض، وهذه المصارعة لها أساليب ليست مبنية على قوة الشخص، قد يكون الشخص قوياً فيصرعه من هو دونه، فلها أساليب معينة وهي عند الناس الآن فن من فنون الرياضة ولها عشاق لكنهم في الواقع يضيعون أوقاتهم في غير فائدة، فهل الشديد القوي هو الذي يغلب الناس إذا صرعهم؟

لا، ويذكر أن ركانة بن يزيد كان قوياً شديداً لا يصرعه أحد حتى إنه من قوته قالوا: إنهم يضعون جلد الثور تحت قدميه ويأتي أقوى الرجال ويجر الجلد من تحت قدمه فيعجز ويتقطع الجلد دون أن تزول قدماه، وهذا يدل على أنه قويٌّ جداً، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسم وطلب من الرسول أن يصارعه قال: إن صرعتني يا محمد عرفت أنك نبي وأسلمت فصارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم فلما صرعه آمن، وهذا لا شك انه من فوائد قوة الجسم وحنكته، وقوله: "وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، القوي الذي يملك نفسه عند الغضب، والغضب هو جمرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان" ولهذا تجده يحتمي ويظهر دمه على جسمه يحمر وجهه وعيناه وترتعد أطرافه وينتفش شعره من قوة ما يجري، "الشديد هو الذي يملك نفسه إذا غضب" ولا ينفذ مقتضى غضبه.

ولهذا جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال أوصني قال: "لا تغضب" قال أوصني، قال: "لا تغضب" قال أوصني، قال: "لا تغضب".

* والغضب ثلاثة أقسام:

القسم الأول: مبتدأ الغضب وهذا يعتري كل إنسان ولا يمنع تصرف الإنسان في نفسه.

والثاني: منتهى الغضب وهذا هو الذي يستولي على الإنسان حتى لا يدري ماذا يقول ولا ماذا يفعل ولا هل هو في الأرض أو في السماء وهذا يقع.

والثالث: وسط بين هذا وهذا وهذا الغضب شديد لكنه يحس بنفسه ولكن الغضب يضغط عليه، فأما الأول وهو الغضب في ابتدائه فحكم تصرف من اتصف به النفوذ، تصرفه نافذ في كل شيء إن حكم بين الناس فحكمه نافذ إن طلق زوجته فطلاقه نافذ إن أعتق عبده فعتقه نافذ كل تصرفاته نافذة هذا متى؟

مبتدأ الغضب، وهذا بإجماع العلماء ولم يختلف فيه أحد وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم القضاء وهو غضبان في قصة الزبير وصاحبه الأنصاري.

الثاني: الغضب الذي يصل بصاحبه إلى حد لا يشعر بنفسه فهذا لا عبرة بتصرفه باتفاق العلماء لأنه ذهب عن وعيه ولذلك تجده ربما يضرب أولاده بعضهم ببعض يأخذ الولد الصغير يجعله عصاً يضرب به الكبير، أشياء عجيبة تذكر عن بعض الغاضبين أشد من المجنون هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>