شاءت تزوجته بعقد على هذا القول تخير بين أمور ثلاثة، إما أن ترجع إلى زوجها بدون عقد، أو ترجع إليه بعقد، أو لا ترجع إليه لا بعقد ولا بغيره هذا بعد انتهاء العدة، ولننظر إلى الحديثين اللذين ذكرهما المؤلف لنطبقهما على القولين: قال: «بعد ست سنين» يعني انقضت عدتها، ولم يحدث نكاح، يعني: لم يجدد العقد، وهذا الحديث يشهد للقول الثاني أنها إذا انتهت العدة قبل إسلام الزوج فلها الخيار إن شاءت، فهي قد ملكت وإن شاءت رجعت إلى زوجها بعقد، وإن شاءت رجعت إلى زوجها بغير عقد، ولهذا رد النبي (صلى الله عليه وسلم) ابنته إلى العاص بغير عقد، وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم على أن انتهاء العدة فاصل بين كونها لها الخيار أو ليس لها الخيار؛ لأنه لو أسلم قبل انقضاء العدة فليس لها الخيار فهي زوجته، ممكن أن نعرف أن القولين اتفقا فيما إذا أسلم قبل انقضاء العدة كيف اتفقاهما؟ أنها زوجته وليس لها الفسخ، وإن أسلم بعد انتهاء العدة فعلى القول الأول لا تحل له إلا بعقد وعلى القول الثاني تخير هذا حاصل الخلاف في هذه المسألة، أبو العاص بن الربيع أسلم بعد ست سنين ورد النبي (صلى الله عليه وسلم) ابنته زينب، وهذه المرأة توفيت في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان لها بنت صغيرة تحمل باليد، فجاءت والنبي (صلى الله عليه وسلم) يصلي بالناس فحملها وهو يصلي بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، قال بعض أهل العلم: وإنما كان ذلك الفعل حين موت أمها كان البنت تصيح فأراد النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يسكتها؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) كما نعلم أحسن الناس خلقاً حتى إن ابنه الحسن والحسين يأتي إليه وهو ساجد يصلي بالناس فيركب على ظهره فيطيل النبي (صلى الله عليه وسلم) السجود ويعتذر للجماعة بأن ابنه ارتحله، يعني: جعله راحلة له كما يفعل الصبيان الآن، على كل حال: هذا الرجل أثنى عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) مرة ثناء عظيماً على المنبر لمناسبة وهي أن الرسول حدث أن علي بن أبي طالب يريد أن يتزوج بنت أبي جهل على فاطمة فخطب الناس وقال: «إن فاطمة بضعة مني يريبها ما رابني» ولقد حدثت أو كما قال «إن ابن أبي طالب يريد أن يتزوج بنت أبي جهل والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد» ثم عدل (رضي الله عنه) عن الزواج إن صح أنه هم بذلك، ثم أثنى على أبي العاص بن أبي الربيع، لأنه حدثه فصدقه ووعده فوفى له، وهذا منقبة لأبي العاص، الحاصل: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) رد إليه ابنته بالعقد الأول ولم يحدث نكاحاً. أما الحديث الثاني حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده اختلف المحدثون فيه هل هو من قبيل المرسل، يعني: المنقطع أو من قبيل المتصل، والصحيح أنه من قبيل المتصل، وأن