للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض أهل العلم: نبدأ بمن وجد عين ماله، فإن لك يكن أحد وجد عين ماله بدأنا بالرهن وحجة من قال بالأول- البدء بالرهن- قال؛ لأن هذا المفلس تصرف بالرهن على وجه صحيح؛ لأنه رهنها- هذه العين- قبل أن يحجر عليه، ولما رهنها تعلق بها حق الغير وهو المرتهن فصار مقدماً، وحجة من قال يبدأ بمن وجد عين ماله قالوا: لعموم الحديث: «من أدرك ماله بعين عند رجل قد أفلس فهو أحق به» ثم بعد ذلك بالغرماء، هل نقدم الأول أو الأخير؟ هم على حد سواء ونعطيهم بالقسط بالنسبة، وكيف النسبة؟ نحصي دينه، ثم نحصي ماله، ثم ننسب المال إلى الدين، ونعطي كل واحد من دينه بمثل هذه النسبة، فإذا قدرنا أن دينه عشرة وماله خمسة، كم نعطي كل واحد؟ نصف حقه، نصف دينه، فمن له درهمان نعطيه درهماً، ومن له ألفان نعطيه ألفاً، المهم أننا ننسب الموجود إلى المطلوب، ونعطي كل واحد مثل تلك النسبة.

هناك أيضاً بحث آخر هل يحجر عليه في ماله وذمته أو في ماله فقط؟ نقول: يحجر عليه في ماله فقط، فلا يتصرف في ماله لا في بيع ولا شراء ولا غير ذلك، أما في ذمته فلا يحجر عليه، فمثلاً هذا الرجل الذي وجدنا أن دينه عشرة وماله خمسة حجرنا عليه إذا باع شيئاً من ماله فالبيع غير صحيح، وأما إذا اشترى شيئاً في ذمته فالشراء صحيح؛ لأن ذمته قابلة للتحمل والتصرف بخلاف أعيان ماله، فإنه قد حجر عليه فيها، ولهذا حديث معاذ: «حجر عليه ماله»، أما ذمته فإنها طليقة يتصرف فيها إن شاء استأجر وإن شاء اقترض وإن شاء اشترى بثمن مؤجل.

ومن فوائد حديث معاذ: إثبات الحجر على من استحقه، وسبق لنا أن الحجر لا يكون إلا في صورة واحدة وهي ما إذا كان الدين أكثر من المال ولا حجر في ثلاث صور: إذا كان المال أكثر من الدين، أو كان مساوياً، أو لم يكن له مال، الحجر إنما يكون فيمن عنده مال لكن دينه أكثر من ماله.

ومن فوائد حديث معاذ: جواز بيع الإنسان وإن لم يرض بالبيع إذا كان بحق لقوله: «وباعه في دين كان علي» وعلى هذا فقوله تعالى: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} يستثنى منها هذه المسألة، فإن المحجور عليه يباع ماله قهراً لأن ذلك بحق.

ومن فوائد حديث معاذ: خطر الدين وعظم شأنه، وأنه قد يؤدي بصاحبه إلى أن يباع ماله.

ومن فوائده: أنه إذا كان يباع المال الموجود في قضاء الدين فما بالك بالشخص يشتري شيئاً ديناً عليه وهو ليس له حاجة فيه؛ لأن بعض الناس الآن يذهب يستدين من أجل أن يشتري الكماليات ليس بحاجة ولا بضرورة إليها، وهذا لا شك أنه من السفه من سفه الإنسان أن يذهب ويستدين من أجل مسائل كمالية، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرشد الذي أراد أن يزوجه وليس عنده شيء وقال: «التمس ولو خاتماً من حديد» قال: لا أجد، لم يرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>