يستدين مع أنه محتاج إلى الزواج، وإنما زوجه بما معه من القرآن، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر إذا قدمت له الجنازة عليها الدين ليس له وفاء لا يصلي عليها دل هذا على خطر الدين وأهميته، ولهذا ينبغي لكم أن تلاحظوا هذه المسألة لأنا وجدنا كثيراً من الناس يستدين لأجل أن يكون كالأغنياء في مأكله ومشربه وملبسه ومركوبه ومسكنه، وهذا لا شك أنه من السفه، يعني: رجل لا يملك من هذه الأشياء إلا بدين وآخر يملك أضعافها من عنده غني يريد الأول أن يكون مثل الثاني لا شك أنه سفه، وأن الإنسان ينبغي له أن يتحرز من الدين بقدر استطاعته.
٨٣١ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:«عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة، فم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازني» متفق عليه.
وفي رواية للبيهقي:«فلم يجزني، ولم يرني بلغت» وصححها ابن خزيمة.
أتى المؤلف بهذا الحديث؛ لأن الحجر يكون لحظ الإنسان المحجور عليه ولحظ غيره، ففي حديث معاذ كان الحجر لحظ الغير، وفي حديث ابن عمر الإشارة إلى الصغر، والصغير لا يعطي ماله كما قال الله تعالى:{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما}[النساء: ٥].
وقال:{وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن ءانستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم}[النساء: ٦]
فاشترط الله تعالى لجواز دفع مال اليتيم إليه، اشترط شرطين: الأول البلوغ لقوله: {حتى إذا بلغوا النكاح} والثاني: الرشد لقوله: {فإن أنستم منهم رشداً} ومع ذلك لا تدفع إليهم هذا إلا بعد أن نبتليهم أي: نختبرهم، فيختبر قبل البلوغ بما يليق به، وينظر هل هو رشيد أو لا، فإذا كان رشيداً دفع إليه المال من حين أن يبلغ.
فهنا نقول: الحديث يدلنا على سن البلوغ، وأنه خمس عشرة فنبدأ أولاً بشرحه:
قال:«عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد» وأحد كانت في السنة الثالثة في شوال، وكان ابن عمر له أربع عشرة سنة، يعني: لم يبلغ خمس عشرة، قال:«وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة» وهذا فيه إشكال من حيث الظاهر؛ لأن عزوة الخندق كانت في السنة الخامسة وأحد كانت في السنة الثالثة، ومن له أربع عشرة في السنة الثالثة يكون له في السنة الخامسة ست عشرة، وهنا يقول:«وأنا ابن خمس عشرة» ففيه إشكال، حيث إن ظاهره التعارض، ولكن الجواب على ذلك من أحد وجهين: