يده اليسرى على ركبته اليسرى" على الركبة من غير إلقام لها فيضعها وضعها، أما اليمنى فيقول: "واليمنى على اليمنى" يعني: على الركبة اليمنى على طرفها، "وعقد ثلاثًا وخمسين"، هذا اصطلاح عند الدرب بدل أن يقول: ثلاث وخمسين فهو يعقد بأصبعه كذا ... ، وهو أن يقبض أصابعه كلها حتى الإبهام يضمها إلى الثلاثة، ويبقي السبابة قائمة ويشير بها كما جاء في الحديث.
قال: "وأشار بأصبعه السبابة"، ولكن متى يسير هل يبقى مشيرًا دائمًا، أو يشير بالتحريك إذا دعا؟ الثاني هو المراد، ويبقى مشيرًا بها؛ لأنه إذا ضم الأربعة هكذا بقيت كأنه يشير قائمة هكذا، وهذه إحدى الصفتين. والصفة الثانية: أنه يحلق الإبهام مع الوسطى، يعني: يقبض الخنصر والبنصر، ويحلق الإبهام مع الوسطى، أي: يجعلهما حلقة، ويبقي السبابة قائمة، وإذا دعا حركها إشارةً إلى علو الله- سبحانه وتعالى-.
يؤخذ من هذا الحديث: مشروعية وضع اليدين على الوصف المذكور في التشهد، لكن لو وضعها على غير هذه الصفة، لو وضع اليدين كلتيهما مبسوطتين، هل يجزئ أو لا؟ يجزئ، لأن هذا على سبيل الأفضلية فقط.
ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره أنه لا يفعل هذا في الجلوس بين السجدتين؛ لأنه قال: إذا قعد في التشهد"، وأما الجلوس بين السجدتين فظاهر النص أنه لا يفعل، ولكن الجواب عن هذا من وجهين، لأننا نرى أن وضع اليدين بين السجدتين كوضعهما في التشهدين، فالجواب أن يقال إذن: إن ذكر بعض أفراد العام لحكمٍ مناسبٍ للعام يعني لا يخالفه، ولا يعد ذلك تخصيصًا كما نص على ذلك أهل الأصول ومنهم الشيخ الشنقيطي رحمه الله في كتابه "أضواء البيان"، ومقال ذلك لو قلت لك: أكرم الطلبة، ثم قلت: أكرم عبد الله وهو منهم، هل يعد هذا تخصيصًا؟ لا يعد، نقول: هذا ذكر بعض أفراد العام بحكمٍ يطابق العام، فيكون ذكره بالتخصيص من باب العناية به، ولو قلت: أكرم الطلبة، ثم قلت، لا تكرم عبد الله وهو منهم يكون تخصيصًا؟ نعم، لأن الحكم هنا مخالف للعموم، فيقول: إن قول ابن عمر رضي الله عنه: "إذا قعد للتشهد" هذا خاص، لكن له رواية أخرى:"إذا قعد في الصلاة" وهذه عامة، فيكون ذكر التشهد من باب ذكر أفراد العام بحكمٍ لا يخالفه، ثم إنه قد روى الإمام أحمد رحمه الله في المسند عن وائلٍ بن حجر نصًا صريحًا في الموضوع، فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يضع اليد اليمنى بين السجدتين كما وصف في التشهد، وهذه الرواية صحح إسنادها بعضهم وجودها بعضهم، وعلى هذا تكون مؤيدة للقول بالعموم.
قال بعض العلماء معلًا رواية الإمام أحمد: إنها شاذة؛ لأن أكثر الرواة لم يذكروها، وإني