الموضع الثاني:{زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا}[التغابن: ٧].
الموضع الثالث:{وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم}[سبأ: ٣]. لأهمية المقسم عليه، فأمر الله نبيه أن يقسم، أما إقسام النبي صلى الله عليه وسلم فقد بلغت فوق ستين مرة، وأما في القرآن فحدث ولا حرج كثيرة جدًا، المهم أنه ينبغي للإنسان في المواطن التي تحتاج إلى قسم أن يقسم، وليس من شرط ذلك أن ينكر المخاطب أو أن يظهر منه التردد، وإن كان البلاغيون يقولون: إنه لا ينبغي القسم إلا إذا أنكر المخاطب، فهذا ربما يقال اصطلاحًا، أما من حيث الشرع فإنك تقسم على كل أمر له أهمية، وينبغي للناس أن يؤمنوا به ويقبلوه.
ومن فوائد هذا الحديث: دقة التعبير في أساليب كل الصحابة -رضي الله عنهم- حيث قال:"إني لأشبهكم" والشبه لا يقتضي المماثلة في كل وجه، ولكن يقصد المقاربة التامة خلافًا للمعاصرين الذين يقول القائل منهم القول، وربما يكون خطأ ويقول: هذا هو السنة تحقيقًا، لكن أبا هريرة يقول:"إني لأشبهكم"، وهذا لا ينبغي للإنسان أن يفعله في مثل هذه الأمور، بألا يجزم بالكمال؛ لأنه ربما يكون هناك نقص وهو لا يعلمه، فاحترز في الكلام حتى لا يؤخذ عليك، واعلم أن الناس لو أخذوا عليك مرة واحدة كلامًا فسيكون هذا هدمًا للحصن الذي تتحصن به وسيؤخذ عليك، ويقال: ألم يقل كذا وكذا، فيعارضوا القول الصواب الذي قاله؛ لأنه أخطأ فيما سبق، فاحترز غاية الاحتراز، لا في الشروط فقط بل في الأحكام أيضًا، لا تجمل الأحكام إذا كانت تحتاج إلى تفصيل، بل فضل الكلام إذا احتاج إلى زيادة، بعض الناس قد يفتي بالإجمال يقول: لو طولت المخاطب لا يفهم، نقول: يا أخي، فصل للمخاطب، لو كان يحتاج إلى التفصيل ففصل له.
٢٧١ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأتم الفاتحة فاقرءوا: {بسم الله الرحمن الرحيم}[الفاتحة: ١]. فإنها إحدى آياتها". رواه الدارقطني، وصوب وقفه.
"وهو الصواب" أي: وقفه، "إذا قرأتم الفاتحة" يعني: أم القرآن، وتسمى أم القرآن، وأم الكتاب، والفاتحة، لأنه افتتح بها المصحف.