وهل يقولها المأموم بعد قول الإمام:{ولا الضالين}، أو ينتظر حتى يؤمن الإمام؟ القول الأول هو المتعين أنه يقولها المأموم، إذا قال الإمام:{ولا الضالين} لما في صحيح مسلم رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام: {ولا الضالين} فقولوا: آمين".
وأما قوله:"إذا أمن الإمام فأمنوا" فليس تعني: ألا تؤمنوا حتى يؤمن، ولكن معناها: إذا أمن أي: إذا بلغ محل التأمين، ومتى يبلغه؟ إذا قال:{ولا الضالين}، أو المعنى: إذا شرع في التأمين فأمنوا، وليس المعنى: إذا انتهى منه، لأنه إذا جاء المحتمل صريحًا في أحد الاحتمالين تعين حمله على هذا الصريح.
ومن فوائد هذا الحديث: التكبير عند كل سجود وإذا قام من الجلوس، وهذا التكبير يسمى تكبير الانتقال، والتكبيرات ثلاثة أنواع:
أولًا: تكبيرة لا تنعقد الصلاة بدونها وهي تكبيرة الإحرام.
ثانيًا: تكبيرة مستحبة، وهي تكبيرة المسبوق إذا أدرك الإمام راكعًا فإنه يكبر للإحرام أولًا قائمًا، ثم يكبر للركوع استحبابًا لا وجوبًا.
الثالث: بقية التكبيرات، والصحيح أنها واجبة؛ يعني: أن من تعمد تركها فلا صلاة له، ومن نسيها يجبر ذلك بسجود السهو، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على التكبير، ولم يحفظ عنه أنه ترك التكبير أبدًا، فمواظبته عليه مع قوله:"صلوا كما رأيتموني أصلي" يدل على وجوبها وأنه لابد منها، وهذا هو القول الراجح، ومقابله أن التكبيرات ما عدا تكبيرة الإحرام ليست بواجبة، وأنها سنة، والصواب أنها واجبة، وأن من تعمد تركها عالمًا بوجوبها بطلت صلاته، ومن نسيها جبر ذلك بسجود السهو.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الإقسام لتحقيق الشيء وإن لم يستقسم القائل، من أين يؤخذ؟ من قوله:"والذي نفسي بيده إني لأشبهكم"، وإن شئت فقل: من أجل أن تسلم من اللفظ لإقسام أبي هريرة، فينبغي للإنسان إذا كان الموضع مما يحتاج إلى توكيد، فينبغي له أن يؤكده بالقسم، لأن هذه طريقة القرآن والسنة، لا يقول: أنا أخبر والذنب على من لا يقبل الخبر، هذا ليس بصحيح، أنت مخبر داع إلى الله عز وجل فأكد خبرك بما يؤكده لتتم الدعوة إلى الله. صحيح ليس عليه إلا البلاغ، وقد يقال: إنه إذا دعت الحاجة إلى الإقسام ولم يقسم فإنه لم يأت بوسيلة القبول وهي القسم، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقسم في ثلاثة مواضع من القرآن: