الحول أو أكثره والمراد بالمباح عند العلماء ليس ضد الحرام، ولكن المباح هو الذي لم يزرعه الآدمي، وإنما هو كلأ أنبته الله، وقد سبق لنا في السُّلوم أن له أربع حالات سائمة: كل الحول، أو أكثر الحول، أو نصف الحول، أو أقل من النصف، أي: ليست سائمة معلوفة، والتي فيها الزكاة هي السائمة أكثر الحول، أو كل الحول.
وقوله:"في كل سائمة إبل" هذا مقيد الحديث أنس السابق أو مخصص؛ لأن حديث أنس السابق ليس فيه اشتراط السموم بالنسبة للإبل، وإنما فيه اشتراط السوم بالنسبة للغنم.
وقوله:"في أربعين بنت لبون" لا يخالف حديث أنس؛ لأن حديث أنس:"في ست وثلاثين إلى خمس وأربعين فيها بنت لبون"؛ إذن فالأربعون داخلة فيما سبق، ففي ست وثلاثين بنت ليون، وفي أربعين بنت لبون، وفي خمس وأربعين بنت لبون فلا يخالف حديث أنس.
وقوله:"في كل سائمة إبل في أربعين" بالنسبة لما قبلها من حيث المعنى والإعراب أيضًا تعتبر بدلًا، أي: في السائمة في الأربعين منه، وهل هو بدل بعض من كل؟ نعم؛ لأن السائمة تشمل القليل والكثير، وأربعين تخص هذا العدد، وبتت اللبون هي التي تمَّ لها سنتان.
قال:"لا تفرق إبل عن حسابها" الذي تجب فيه الزكاة؛ أي: لا يفرق الإنسان الإبل المجتمعة عن حسابها لتسقط عنه الزكاة، وهذا كقوله في حديث أنس:"بين مجتمع خشية الصدقة"؛ لأن الإنسان مثلا إذا كان عنده أربعون من الغنم ففيها شاة، فإذا فرقها فليس فيها شيء، عنده خمس من الإبل فيها شاة، فإذا فرقها وجعل اثنتين هنا وثلاثًّا بعيدة سقطت الزكاة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تفرق إبل عن حسابها"؛ يعنى: عند العدد الذي بلغته خوفًا من الصدقة، أما إذا كان ليس خوفًا من الصدقة كما لو كان لغرض مقصود فانه لا نهي في، وعلى هذا فكون قوله:"لا تفرق إبل عن حسابها" مقيدًا بحديث أنس السابق؛ أي: لا تفرق خشية الصدقة.
ثم قال صلى الله عليه وسلم "من أعطاها" أي: من أعطى الزكاة الواجبة وهي بنت لبون في الأربعين، "مؤتجرًا بها فله أجرها"، "مؤتجرًا" أي: طالبًا الأجر، فهي مفتعل بمعنى: طالب للشيء، يعني: طالبًا لأجرها فله أجرها، ومن أعطاها غير مؤتجر بها ولكنه أعطاها رياء وسمعة أو أعطاها خوفًا من السلطان أن يكرهه على دفعها فهل له أجرها؟ لا، ليس له أجرها، لكنها تجزؤه ظاهرًا، بمعنى: أن السلطان لا يطالبه بها؛ لأنه أدَّاها، أما في الآخرة فلا ينتفع بها.
"ومن منعها" فلم يعطها "فإنا آخذوها وشطر ماله"، "فإن" الضمير يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعود إليه باعتبار سعاته أو باعتبار نفسه هو؛ لأنه له السلطة، "فإنا آخذوها" كيف آخذوها ليس فيها نون؟ إعراب "آخذوها" خبر إن مرفوع والنون حذفت للإضافة كما يحذف التنوين؛ ولهذا