آيات بينات؛ لأنه رسول الله وليس لأنه مُحَمّد بن عبد الله، وهذا الذي ذهب إليه ابن تيمية هُوَ الحق. ومن فوائد الحديث: أنه قد يكون فيه إشارة إلى اشتراط القدرة على تسليم المهر لقوله: «تقرأهن عن ظهر قلب»، لأن الإنسان الذي لا يقرأ القرآن عن ظهر قلب ربما لا يحصل على مصحف، لاسيما في الزمن السابق في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لكن الذي يحفظ عن ظهر قلب قادر على أن يُعلم.
ومن فوائد الحديث: انعقاد النكاح بما يدل عليه، لقوله:«فقد مَلَكُتُكها بما معك من القرآن»، وذكر المؤلف ثلاثة ألفاظ «ملكتكها، زوّجتكها، أمكناكها بما معك من القرآن»، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة هل ينعقد النكاح بكل لفظ يدل عليه أم لابد من لفظ معيّن؟ المذهب أنه لابد من لفظ معين وهو لفظ التزويج أو الإنكاح، أو الأمة يقول لها: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك كما جرى ذلك من النبي (صلى الله عليه وسلم) في صفية بنت حيي، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) أعتقها وجعل عتقها صداقها، ما هُوَ الدليل؟ قالوا: لأن هذا هُوَ اللفظ الذي جاء به القرآن، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ}[الأحزاب: ٤٩]. وقال:{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ}[البقرة: ٢٢١]. وقال:{وَأَنكِحُوا الأَيَامَى}[النور: ٣٢]. فهذا اللفظ الذي جاء به القرآن فيجب أن نتقيد به، فيقال: إن المراد بهذا اللفظ ليس تعيين اللفظ، ولكن بيان المراد والمعنى، وإذا سلكتم هذا المسلك في الاستدلال لزمكم أن تقولوا إن البيع لا ينعقد إلا بلفظ البيع؛ لأن هذا هُوَ اللفظ الذي جاء به القرآن، فلفظ الإنكاح أو التزويج إنما جاء على الدلالة على المعنى المراد لا لتعيين هذا اللفظ، وكل شيء لا يتعبد بلفظه فإنه يرجع فيه إلى العرف هذه قاعدة مفيدة من العقود؛ لأن العقود حقائقها تعود إلى العُرف المصطلح عليه، فالصحيح أن عقد النكاح كغيره من العقود ينعقد بكل لفظ دل عليه سواء بلفظ التزويج أو الإنكاح أو بلفظ: أعتقتك، أو ملكتك بنتي، أو زوجتك بنتي، ما دام هذا اللفظ يُحدد المعنى فإنه ينعقد به النكاح.
ومن فوائد الحديث: أنه يجب على الزوج أن يُسَلّم المهر لقوله: «فَعَلَمُهَا».
ومن فوائد قوله:«فعلمها»: الرد على قول من قال: إن الباء في قوله: «بما معك»، للسببية، وأنه يتعين أن يكون معناها العوض، أي: ملكتك بما معك من القرآن بحيث تعلمها إياه.