تشبهًا بالرجال، وتشبه النساء بالرجال من كبائر الذنوب؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لعن المتشبهات من النساء بالرجال، فماذا تقول عن ظاهر الحديث؟ يمكن أن جاب عنه بأن المراد بلبسها إياه استعمالها له سواء لبسته على هيئة ما يلبسه الرجل أو على هيئة أخرى، كأن تجعله سراويل مثلا لأن اللبس له وجوه متعددة شتى، حَتَّى إن أنس بن مالك لما ذكر زيارة النبي (صلى الله عليه وسلم) له ولأمه أو جدته مُليكة ذكر أنه أخذ حصيرًا قد أسودُ من طول ما لبس، والحصير لا يلبس ولكنه يُستعمل، فلبس كل شيء بحسبه فإذا كان ظاهر هذا الحديث أن المرأة تلبس إزار الرجل فإنه يجب حمله أنها تلبسه على وجه لا يماثل لبس الرجل له لئلا تقع في التشبه المتوعد عليه باللعنة.
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان إذا صبر ظفر، فإن هذا الرجل سكت وأطال القيام فلما
قام جعل الله له فرجًا، يقول:«جلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام».
ومن فوائد الحديث: جواز جعل المنفعة مهرا لقوله: «ملَكُتُكها بما معك من القرآن»، إذن فيجوز أن يكون المهر عينا، ويجوز أن يكون منفعة، ويؤيد هذا ما جرى لموسى -عليه الصلاة والسلام- فإن مهر إحدى البنتين كان رعاية الغنم لمدة ثمان سنين أو عشر سنين.
ومن فوائد الحديث: جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، لأن عوض هذا التعيين كان البضع، والبضع لا يستباح إلا بالمال لقوله تعالى:{أن تبتغوا بأموالكم}[النساء: ٢٤]
ومن فوائده: جواز جعل تعليم القرآن أجرة، فهل هناك فرق بين هذه الفائدة والتي قبلها؟ نعم، ما هو؟ يعني مثلاً شخص عنده بيت فقلت: أجرني إياه على أن أعلمك القرآن، فهنا جعلنا تعليم القرآن نفسه أجرة أما المسألة الأولى فإننا جعلنا مَن يُعلم القرآن يأخذ عليه أجرة، ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز أن يُجعل تعليم القرآن مهرا، واستدلوا بحديث ضعيف وهو أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «لن تكون لمن بعدك مهرًا». وهذا الحديث ضعيف لا يصح، وعلى تقدير صحته فإنه يمكن أن يُفسر قوله:«لمن بعدك» أي: بعد حالك كما قلنا في حديث أبي بردة بن نيار حين قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) في العناق: «إنها لن تجزى عن أحد بعدك»، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ليس المراد بعده في الزمن بل بعده في الحال والوصف؛ وذلك لأن الشريعة الإسلامية لا تُعطي أحدًا حُكما للشخص نفسه، لأن الأحكام الشرعية كلها معلقة بالوصف والمعنى المقضي لها حتى خصائص الأنبياء ليست خصائص لأعيانهم، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) أعطي