ويستفاد من حديث جابر: وجوب اتقاء الظلم؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب لا سيما وأنه علله بقوله: "فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". فيكون حينئذ من الكبائر.
ومن فوائد حديث جابر: أن التقوى ليست خاصة بالله عز وجل بل تكون لله وللمخلوقات فهنا اتقوا الظلم وجهت إلى الظلم، وهو عمل من أعمال الإنسان وفي قوله: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} [البقرة: ٢٨١]. أضيفت إلى زمن، وفي قوله تعالى: {واتقوا النار التي أعدت للكافرين} [آل عمران: ١٣١]. أضيفت إلى مكان، وفي قوله تعالى: {واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون} [الممتحنة: ١١]. أضيفت إلى الله عز وجل لماذا؟
لأن أصل التقوى اتخاذ وقاية والإنسان يتخذ وقاية من الرب عز وجل ومن عقوباته وعذابه.
ومن فوائد الحديث: أن الظلم من كبائر الذنوب كما سبق وقوله: "واتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم" الشح: الطمع فيما عند الغير، فهو محاولة اخذ ما ليس له، والبخل منع ما يجب عليه بذله وتارة نسمع الشح والبخل فنقول: الشح الطمع فيما عند الغير والبخل منع ما يجب بذلك من علم أو مال أو عمل.
وفي الحديث: "البخيل من إذا ذكرت عنده لم يصل عليّ" فهذا بخل بعمل، وإذا قلت: سألت فلاناً من العلماء ولم يجبني، فهذا بخل بالعلم وإذا قلت: سألت فلاناً مالاً ولم يعطني فهذا بخل بالمال، أما الشح فهو الطمع فيما عند الغير وأيهما أشد؟
الشح، لأن منع ما عندك أهون من طلب ما ليس عندك، قال: "فإنه أهلك من كان قبلكم" أهلكهم إهلاكاً حسياً لأنهم بذلك سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم.
ففي هذا الحديث أيضاً: تحريم الشح لقوله: "اتقوا الشح".
فإن قال قائل: إن الله -تعالى- جعل الشح في كتابه من طبائع النفوس فقال تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح} [النساء: ١٢٨]. فكيف ندفع ما كان من طبيعة النفوس؟
قلنا: هو كسبيٌ، الشح أمر كسبي والأمر الكسبي يمكن للإنسان أن يحترز منه ويتخلى عنه وإن كانت النفوذ مجبولة على محبة المال لكن الإنسان يغلبه دينه حتى يطفئ عنه حرارة الشح.
ومن فوائد الحديث: الاعتبار بمن خلال من الأمم لقوله: "فإنه أهلك من كان قبلكم".
ومن فوائده: أن ما كان سبباً للعقوبة في الأمم الماضية فإنه يكون سبباً للعقوبة في هذه الأمة، بل لو قال قائل: إنه يكون في هذه الأمة أعظم لأنها أكرم الأمم عند الله، وإذا كانت أكرم