مثل: أن يكون قد باع عليه هذا الشيء والقيمة مرتفعة ورضي بالعيب، ولما نزلت القيمة ادعى أنه لم يشترطه عليه من أجل أن يرد البيع فهذه أيضًا قرينة، لكن إذا خلت المسألة من القرينة فإن القول قول المشتري؛ لأن الأصل عدم الشرط.
ومن فوائد الحديث: العمل بالبينة، وهل البينة معينة بالنوع أو عامة لكل ما يبين الحق؟ الصحيح: أنها عامة لكل ما يبين الحق، والمذهب: أنها في الأموال رجلان أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين المدعي، ولكن الصواب أن البينة: اسمٌ لما يبين الحق ويوضحه بأي وسيلة كانت.
ومن فوائد الحديث: جواز وصف الإنسان بالرب؛ لقوله:"رب السلعة"، وهذا جائز، وقد جاءت أحاديث كثيرة في هذا المعنى، منها قوله صلى الله عليه وسلم في علامات الساعة في رواية للبخاري:"أن تلد الأمة ربها"، وكذلك في اللقطة:"حتى يجدها ربُّها"، فوصف الإنسان بالرب لما يملكه جائز ولا بأس به، لكن من المعلوم أنه لا يجوز أن يقول: فلان رب كل شيء؛ لأن هذا وصف خاص بالله فلا يجوز أن يطلق على بشر، كما لا يجوز أن يقول: قاضي القضاة، وملك الملوك وما أشبه ذلك.
ومن فوائد الحديث: الرجوع إلى الأصل والعمل به لقوله: "القول ما قال ربُّ السلعة"؛ لأن الأصل أنه لم يخرج السلعة إلا على قوله هو، فالأصل مثلًا: أني ما بعتها عليك بثمانية، الأصل أني لا أخرج من ملكي إلا ما أرضاه وأنا ما رضيت إلا عشرة، فهذا عمل بالأصل، والعمل بالأصل موجود وله أدلة كثيرة في القرآن وفي السُّنة: أننا نعمل بالأصل وهو أيضًا مقتضى النظر؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان"، ومن أمثلة ذلك: رجل توضأ ثم شك هل أحدث أم لا؟ فالأصل بقاء طهارته، ورجل أحدث ثم شك هل توضأ أم لا؟ فالأصل بقاء حدثه، فلو تيقنت أنك أكلت لحم إبل بعد المغرب ثم شككت هل توضأت أو لا؟ فلا تصلي العشاء إلا بوضوء جديد، ولو توضأت لصلاة المغرب ثم شككت هل انتقض وضوءك أو لا؟ لم يلزمك الوضوء؛ لأن الأصل بقاء الوضوء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يشكل عليه أخرج منه شيء أو لا قال: "لا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يشم ريحًا".