للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليل يرقب الفجر, وتجده يرقب الشفق, وعند الزوال كذلك, وعند العصر كذلك, فالمؤذن أشق عملًا من الإمام؛ ولهذا كان الأذان أفضل من الإمامة.

يعني لو قلنا: أيهما أفضل: المؤذن أو الإمام من حيث المرتبة في الأجر؟

قلنا: المؤذن؛ لأن عليه مسئولية أكثر بكثير من الإمام.

قد تقولون: إذا كان الأذان أفضل من الإمامة فلماذا لم يتوله الرسول صلى الله عليه وسلم, ولا أبو بكر, ولا عمر, ولا عثمان, ولا علي, لماذا عدل عنه الخلفاء الراشدون؟

الجواب: لأنهم مشتغلون بالخلافة وتدبير الناس, فهم لا يتفرعون لأن يراقبوا الفجر, أو يراقبوا مغيب الشفق, أو يراقبوا دخول العصر, مشغولون لذلك لم يتولوا الأذان, ولا شك أن الأذان أفضل من الإمامة, أيهما أعظم مسئولية؟ المؤذن أعظم مسئولية من وجه؛ لأن المؤذن يترتب على أذانه صلاة الناس في بيوتهم, وإمساكهم في صومهم, وإفطارهم في صومهم, فيترتب عليه مسئولية كبيرة, ويقال: إن رجلًا كلم زوجته في الليل وأبت أن تكلمه, فقال لها: إن أذن الفجر قبل أن تكلميني فأنت طالق ثلاثا, وكان الطلاق الثلاث في الأول تبين به المرأة, يعني: ما انتشر الإفتاء به بأن الطلاق الثلاث واحدة بعد الصحابة إلا في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: إن أذن الفجر قبل أن تكلميني فأنت طالق ثالثًا, فصممت ألا تكلمه, فذهب إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله, وكان الإمام أبو حنيفة ذكيًا, فقال له: اذهب إلى المؤذن اجعله يؤذن, فذهب إليه فأخبره بالقضية وأنها صعبة, فأذن وهو راجع عند امرأته فقالت: الحمد الله الذي فكني منك, فقال: الحمد لله الذي ردك علي, فالمؤذن في الحقيقة مسئوليته عظيمة, الإمام مسئوليته عظيمة من جهة إمامته للناس يجب عليه أن يتعلم أحكام الصلاة, وأحكام الإمامة, وأن يجعل صلاته على نحو صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم, قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي». وهذا يلزم أن يعرف كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي, وأن يعمل كما كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - يعمل, فمن هذه الناحية يكون أعظم مسئولية, بعض الأئمة يصلي بالناس لكن لا يطمئن في الركوع ولا في الرفع منه, ولا في السجود ولا في الرفع عند السجدتين, وهذا خطر عظيم لاسيما إذا كان في المسجد من كبار السن, أو من الضعفاء, فكل واحد منهم عليه مسئولية, لكن عمل المؤذن أشق؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح: «أطول الناس أعناقًا يوم القيامة المؤذنون».

أسئلة:

- هل يجوز أن يقيم من لم يؤذن؟

<<  <  ج: ص:  >  >>