فإن قال قائل: إن الإنسان قد يدعو بين الأذان والإقامة فلا نرى إجابة, فما موقفنا من هذا الحديث؟
فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا بأن هذا الوقت سبب لإجابة الدعاء, والسبب قد لا يحصل المسبب لوجود مانع؛ يعني: إذا جاءت مثل هذه النصوص التي فيها الأخبار ثم تخلف الخبر بناء على ظنك فاعلم أنه لن يتخلف إلا لوجود مانع يمنع إجابة الدعاء, واستمع إلى قول الرسول - عليه الصلاة والسلام - حين ذكر: «الرجل أشعث أغبر يطيل السفر, يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب, ومطعمه حرام, وملبسه حرام, وغذي بالحرام, فأنى يستجاب له».
لذلك انظر لهذا الحديث: أسباب الإجابة موجودة وهي السفر كونه أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يدعو يا رب يا رب يا رب, واستبعد النبي صلى الله عليه وسلم الاستجابة له؛ لأنه يأكل الحرام؛ لأن هذا مانع من إجابة الدعاء مع توافر شروطه.
أيضًا أذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله, اللهم جنبنا الشيطان, وجنب الشيطان ما رزقتنا, فإن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدًا». مع أن كثيرًا من الناس يقولون هذا ولكن الشيطان يستولي على أولادهم؛ وذلك لوجود مانع يمنع من حصول ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم, أو لوجود سبب أقوى حصل فيه تفريط من ولي الأمر, مثلًا أن يكون هذا الولد إذا كبر وترعرع صاحب أناسًا لا خير فيهم, وأبوه لم ينهه عنهم ولم يراقبه, فيكون الأب قد أضاع ما أوجيب الله عليه من رعاية الولد, والولد حصل له سبب قوي, وهو صحبة هؤلاء الأشرار, فلاحظوا من هذه المسائل أن الله عز وجل في شرعه وقدره يربط الأشياء بعضها ببعض, وقد يوجد المسبب على غير السبب المعلوم؛ لأن الأمر كله بيد الله عز وجل, ولكن أبشروا أيها الداعون إلى الله أنه ما من إنسان يدعو الله إلا حصل على أجر قطعًا كيف ذلك؟ لأن الدعاء عبادة من أفضل العبادات, ثم إما أن يستجيب الله له, وإما أن يدخر له عنده ما هو أفضل مما دعا به, وإما أن يصرف عنه من السوء الذي انعقدت أسبابه من هذا الداعي ما هو أعظم مما دعا به, فلن يعدم داعي الله تعالى خيرًا, بل هو على خير على كل حال, أكثرمن الدعاء وأحسن الظن بالله عز وجل, ولهذا جاء في الحديث: «ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة».