١٩٦ - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة, والصلاة القائمة, آت محمدًا الوسيلة والفضيلة, وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة». أخرجه الأربعة.
قوله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء» أي: حين يسمع النداء كاملًا, ليس حين يسمع أوله كما جاء مفسرًا في حديث آخر, أي: «من قال مثل ما يقول المؤذن, ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم سأل الله الوسيلة للرسول - عليه الصلاة والسلام - حلت له الشفاعة».
فيقول: «حين يسمع النداء» , أي: حين يسمعه كاملًا: «اللهم رب هذه الدعوة التامة» ما أكثر أن تأتي «اللهم» في الدعاء, قال أهل النحو: وأصلها يا الله فحذفت يا النداء تبركًا بسبق الاسم الأعظم الله, ثم عوض عنها بالميم؛ لأن الميم تدل على الجمع, كأن من ينادي الله عز وجل قد جمع قلبه ولسانه على هذا الدعاء, يعني: ما جاءت بدل الميم قاف, أو كاف, أو فاء, جاءت الميم؛ لأنها تدل على الجمع كما هو معروف على كل حال معناها: يا الله, «رب هذه الدعوة التامة» هذا عطف بيان, أو بدل, وإن شئت فاجعله منادى مستقلًا.
«اللهم يا رب هذه الدعوة التامة» ما هذه الدعوة؟ هي: الأذان دعوة تامة؛ لأنها فيها تعظيم الله بالتكبير, والشهادة له بالتوحيد, والشهادة لنبيه بالرسالة, والدعوة إلى الصلاة, والدعوة إلى الفلاح, والعود إلى التعظيم مرة ثانية, ثم إلى التوحيد مرة ثانية, وتختم بذلك, أي دعوة أكمل من هذه؟ ! أو أي دعوة مثل هذه الدعوة؟ !
«أيها الناس صلوا» , هذه دعوة لكن لو قارنت بينها وبين الأذان لوجدت أن الأذان دعوة تامة.
وقوله: «رب هذه الدعوة» وما وجه كونه عز وجل ربًا لهذه الدعوة؟ لأنه الذي شرعها, ولأنها صدرت من مخلوق الله ربه, و «التامة» كما ذكرنا هي تامة من كل وجه في صيغها وفي عددها وفي كل ما تضمنته, والصلاة القائمة معناها: التي ستقام, هكذا ذكر بعض أهل العلم, ووجهه: أن هذا الأذان لصلاة ماضية أو بعد يومين أو ثلاثة؟ الصلاة القائمة التي ستقام قريبًا, فعبر بالوصف الدال على الحال لقرب الإقامة من الصلاة؛ لأن الإقامة للصلاة, وكذلك الأذان للصلاة, فالأذان قريب والإقامة قريبة, لكن الإقامة لا يقال فيها هذا الذكر كما سيتبين إن شاء