للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله, والصلاة القائمة يعني: التي ستقام, ويحتمل أن يكون معنى الصلاة القائمة أي: ذات الاستقامة والتمام حتى يتطابق مع قوله: «رب هذه الدعوة التامة»؛ لأن القائمة بمعنى: القيمة المستقيمة المشتملة على روضات من رياض الذكر والهيئة والدعاء, لا يوجد عبادة تشتمل على ما تشتمل عليه الصلاة؛ رياض متنوعة من العبادات, قيام وركوع وسجود, جلوس, هيئات, حركات باليد أيضًا, أقوالها: قرآن, تسبيح, تعظيم, قيام وركوع وسجود, جلوس, هيئات, حركات باليد أيضًا, أقوالها: قرآن, تسبيح, تعظيم, دعاء, فهي روضة مشتملة على أنواع كثيرة من الرياضات, أي: رياضات العبادة, فصارت كلمة «القائمة» لها معنيان: المعنى الأول: التي ستقام؛ لأن الأذان لها. والمعنى الثاني: القائمة؛ أي: ذات القيام, بمعنى: المستقيمة التامة لما تشتمل عليه من أنواع الذكر وأنواع العبادة.

«آت محمدًا الوسيلة والفضيلة». «آت»؛ بمعنى: أعط, و «ائت»؛ بمعنى: اذهب, ائت زيدًا, بمعنى: اذهب إليه, لكن «آت محمدًا» أعطه, وهذه خذها قاعدة: الهمز بالمد بمعنى: الإعطاء, {وآتي المال على حبه ذوي القربى} [البقرة: ١٧٧] , وبالقصر بمعنى: المجيء, أتى زيد؛ أي: جاء, آت أي: أعط.

«محمدًا الوسيلة»؛ هذا العلم علم على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وله أعلام متعددة لكثرة أوصافه الطيبة, فله من كل وصف علم, قال حسان بن ثابت رضي الله عنه: [الطويل]

وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد

ولما علم المشركون أن كلمة «محمد» تعني: الثناء والتحميد؛ صاروا يسمونه بمذمم, والذم لهم, إذن «محمد» علم على رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله, وله أسماء أعلام كثيرة لكثرة أوصافه الحميدة.

«آت محمدًا الوسيلة والفضيلة». «الوسيلة»: بينها الرسول - عليه الصلاة والسلام - بأنها درجة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله, قال: وأرجو أن أكون أنا هو, إذن هي درجة عالية أعلى درجات الجنة؛ لأنه استحقها من أعلى درجات الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقوله: «الفضيلة» هي الفضل في ذاته؛ لأن علو المكان قد يكون لمن لا يستحق في ذاته وفي فضله, فأنت تسأل الله الوسيلة المنزلة العليا والفضيلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فيجمع بين علو المكانة وعلو المكان والفضيلة.

«وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته». «ابعثه» يعني: يوم القيامة, «مقامًا محمودًا» أي: مقامًا يحمد عليه, ولم يعين الحامد إشارة إلى أن كل أحد يحمده صلوات الله وسلامه عليه, ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>