للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاث مرات، هل تجزئ عن الفاتحة؟ لا، من قال عشر مرات: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" كان كمن أعتق أربع أنفس من ولد إسماعيل، قلو قال وهو عليه أربعة أيمان ونواها كفارة فلا تجزئ، وبهذا نعرف أن معادل الشيء لا يلزم أن يجزئ عنه، وكذلك الصلاة في الحرم، لو قال: أصلي في الحرم جمعة واحدة عن مائة ألف جمعة، وقال: لا أصلي بقية الجمع فلا يجزئه هذا.

في هذا الحديث: الحثُّ على صيام ستة أيام من شوال لقوله: "كان كصيام الدهر"، ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذا إلا ترغيبًا فيه وليس تحذيرًا منه.

فإن قلت: أفلا يمكن أن يقول قائل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك تحذيرًا؛ لأنه نهى عن صيام الدهر كله وقال: "لا صام من صام الأبد"؟

فالجواب: أن مثل هذا التعبير يقطع به قطعًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين أن هذا يجزئه عن صوم الدهر: يعادله في الأجر، وحينئذ يبقى صوم الدهر ليس فيه إلا المشقة وإتعاب النفس.

ومن فوائد الحديث: أن فوائد هذه الأيام لا يجزئ عنها إلا إذا صام رمضان كاملًا، وبناء على ذلك فمن كان عليه قضاء من رمضان وقال: إني سأبادر فأصوم السنة قبل أن يخرج شوال والقضاء أجعله فيما بعد فلا يجزئ، وهذا ليس مبنيًّا على خلاف العلماء هل يجوز صوم النفل لمن عليه قضاء؟ لأن هذا صرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه"، وعليه فلا ينبني هذا على خلاف العلماء في التطوع في الصوم ممن عليه قضاء؛ لأن العلماء مختلفون فيما إذا كان عليك قضاء من رمضان.

هل لك أن تتطوع في الصوم كصوم ذي الحجة وعرفة والمحرم والإثنين؟ فيه خلاف بين العلماء والراجح: أنك لا تتطوع حتى تقضي الواجب.

ومن فوائد الحديث: أنه يجوز أن تصوم هذه الأيام على وجه التتابع أو التفريق، يؤخذ إطلاق قوله: "ستًّا من شوال".

وهل يؤخذ منه: أن الأفضل أن يفصل بينهما وبين رمضان بيوم لقوله: "ثم أتبعه"؟ ذكر بعض العلماء: أنه يستحب ان يفصل بينها وبين رمضان بيوم؛ لقوله: "ثم أتبعه" هذا واحد؛ لأن الفرض والسُّنة ينبغي أن يفصل بينهما حتى لا يختلط هذا بهذا، ولكن نقول: هذا القول فيه شيء من النظر بصومها بعد يوم العيد أفضل لما فيه من المسارعة في الخير وعدم تعرض الإنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>