هذا قولان لأهل العلم. منهم من قال: إنها لا تحل لهم الزكاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد".
ثانيًا: ولأنهم يشاركون بني هاشم في الخمس، فإذا شاركوهم في المغنم شاركوهم في الحرمان من الزكاة.
ومن العلماء من يقول: إنها تحل لهم؛ لأن العلة في منع الزكاة على بني هاشم هي القرابة، ومعلوم أن بني المطلب بنو عم لبني هاشم وليسوا من بني هاشم، ولو كانت العلة القرابة لكان بنو عبد شمس ونوفل يمنعون من الزكاة.
وفي هذه المسألة عن الإمام أحمد رحمة الله روايتان: رواية أنها تحل لبني المطلب وهي المذهب. والرواية الثانية: أنها لا تحل، وهي التي مشى عليها صاحب زاد المستقنع، والصحيح أنها تدفع إلى بني المطلب، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أعطاهم من الخمس لا من أجل قرابتهم، ولكن من أجل النصرة والحماية حيث كانوا مع بني هاشم على قريش، ولو كانت العلة القرابة لم يكن فرق بينهم وبين بني عبد شمس ونوفل.
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان ينبغي له أن يستعين بمن يشاركه في مهمته، وأن هذا من أسباب نجاح المهمة، دليله: أن جبير بن مطعم مشى هو وعثمان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك أيضًا له شواهد من الواقع، فإن إجابة الاثنين أقرب من إجابة الواحد، وإجابة الثلاثة أقرب من إجابة الاثنين ..... وهكذا، فإذا كنت تريد أمرًا مهمًّا فالذي ينبغي أن تأخذ معك من يشاركك في الأمر؛ لأنه يعينك على قضاء الحاجة، وربما يورد عليك المسئول إيرادًا لا تستطيع أن تجيب عنه، فإذا كان معك غيرك فإنه ينشطك، ولهذا قال موسى- عليه الصلاة والسلام- لما أمره الله تعالى أن يبلغ رسالة إلى فرعون:{واجعل لي وزيرًا من أهلي}[طه: ٢٩، ٣٠].
ومن فوائد الحديث أيضًا: أنه يجوز للإنسان أن يستفسر عما يظن أنه حق له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عثمان وجبيرًا على السؤال، ولم يقل: إن هذا السؤال حرام عليكم.
ومن فوائد الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكافئ على المعروف، وأن المكافأة على المعروف مما جاءت به الشريعة، حيث كافأ بني المطلب فأعطاهم من الخمس.
ومن فوائد الحديث: أن المراد بذوي القربى في قوله تعالى: {وللرسول ولذي القربى} قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان بعض العلماء قال: المراد بهم: قرابة ولي الأمر، ولكن الصواب أنهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم.